علي بن المنتصر الكتاني

مولده

ولد علي بن المنتصر الكتاني في رمضان من عام 1361 هـ1941م بمدينة فاس، وتربى ونشأ في أسرة متدينة، فوالده محدث الحرمين الشريفين سيدي محمد المنتصر الكتاني، الذي كان من أبرز علماء الوقت. والدته هي أم هانيء سليلة العلامة الخطيب سيدي عبد السلام سليل آل الفاسي الفهري.

نشأ في هذا الجو وفي هذه البيئة يرتضع معاني الدين الإسلامي والثقافة الإسلامية، نشأ في فاس، ثم انتقل إلى سلا ثم طنجة، ومنها إلى الرباط. ثم رحل مع والده وأسرته إلى دمشق في سوريا. ومن هناك أنهى دراسته التعليمية المدرسية. أراد والده بعد أن أعده الإعداد الديني، والإعداد الفقهي، والإعداد التثقيفي، أن يرسله إلى دول أوروبا حتى تتلقح أفكاره، ويأتي بجديد الوقت.

تكوينه الجامعي في مجال الطاقة 

ذهب إلى سويسرا، ودرس هناك في جامعة لوزان العلوم الهندسية متخصصا في الهندسة الكهربائية، وحصل على الماجستير منها. ثم اشتغل في معهد الطاقة النووية بالسويد لعدة أشهر، ومنها انتقل إلى الولايات المتحدة الأميركية، فتخصص في الطاقة، خاصة الطاقة الشمسية، ونال الدكتوراة وهو لما يتجاوز الرابعة والعشرين من عمره.

مسيرته العلمية و المهنية

انتقل للتدريس في مختلف جامعات أمريكا، خاصة معهد ماساتشوستس للتقنية، والذي يعد أعلى معهد جامعي في العلوم التجريبية، خاصة الفيزياء، والتكنولوجيا، والهندسة في العالم. من هناك أراد له والده أن يخرج من أوروبا وديار الغرب قائلا له: “متى علوت فيهم، ومتى ارتفعت مكانتك بينهم، حتى لو أصبحت رئيسهم؛ فلن تكون إلا عبدا لهم وخادما لهم”. فأوصاه ونصحه بالدخول إلى البلاد الإسلامية والدول العربية حتى يكون علمه ونتاج علمه فائدة ومفيدا لمجتمعه الإسلامي، وحتى تستفيد الدول الإسلامية والعربية من علومه. إذ كان أحد أبرز علماء الطاقة في العالم، بل ألف كتابا صنفه هو وعشرة من أكبر علماء الطاقة في العالم، وكان أول عالم عربي بل مسلم يتخصص في الطاقة الشمسية، ومن مؤسسي هذا العلم، وقد ابتكر علم هندسة البلازما Plasma Engineering وألف فيه كتابا بقي يدرّس في معاهد أميركا لمدة طويلة، وإلى الآن يعد مرجعا في بابه، لأنه هو مبتكر هذا العلم. وفي المملكة العربية السعودية كان من المؤسسين لـ جامعة البترول والمعادن المسماة الآن بـ جامعة الملك فهد، وبقي فيها مدرسا ومفيدا وناشرا ومبرمجا لمناهجها، وكذلك كان يحضر عشرات المؤتمرات العالمية في الطاقة الشمسية والطاقات المتجددة.

خلال رحلته التدريسية وعمله الأكاديمي ابتدأ دعوته الدين الإسلامي، حيث يذهب إلى مختلف المدن والقرى النائية في أميركا في أيام العطل، ويدعو إلى الله ويؤسس المراكز الإسلامية

منظم للأقليات المسلمة

كان يسافر إلى مختلف دول العالم من أجل تنظيم الأقليات الإسلامية ويحل مشاكلها. وأفاد كثيرا، حتى إنه نظم المسلمين في أستراليا، وهم الآن يقاربون 800 ألف مسلم.

منذ ذلك الحين ظهرت للدكتور الداعية بادرة جديدة، فابتكر علم الأقليات الإسلامية في العالم، وألف كتابه “المسلمون في أوروبا وأمريكا” الذي هو كتاب علمي فلسفي إخباري تاريخي رحلاتي، وهو يعد من أهم رحلات المغاربة في العالم. بحيث يذكر أخباره وشأنه مع المسلمين في مختلف المدن والدول الأوروبية، والأمريكية والأسترالية كذلك، ويذكر مشاكل الأقليات الإسلامية، وأسبابها، وطريقة حلها.

ومن ذلك أراد أن ينظم المسلمين في جمعيات في العالم، ثم تكون في كل دولة جمعية عامة، وفي كل إقليم وقارة مجلس، ثم يكون مجلس عام للمسلمين أجمعين. وهذا امتداد لفكر والده، حيث العلامة محمد المنتصر الكتاني.

نجح خلال رحالاته الدعوية في أمريكا الجنوبية في أن يدخل دولتين إلى منظمة المؤتمر الإسلامي؛ وهما غويانا وسورينام، وهما أول دولتين في أمريكا الجنوبية يدخلان إلى منظمة المؤتمر الإسلامي، ويعد ذلك فتحا إسلاميا كبيرا. وتوجد الآن ثلاث جمهوريات في طريقها للدخول إلى المنظمة المذكورة. فكانت نظرية الدكتور على الكتاني بأن تنظم الأقليات في جمعيات ثم في جمعية كبرى. ومن هنالك ابتدأ تأطيره المنهجي للمسلمين في العالم.

في سنة 1982، انتقل إلى جدة، حيث أسس المؤسسة الإسلامية للعلوم والتكنولوجيا والتنمية، وكان هو المدير العام لها، وكانت تعنى بنشر العلوم والتكنولوجيا، وتشييدها في مختلف الدول الإسلامية. وأرسل العشرات من المنح في الدكتوراة والماجستير ومختلف التخصصات إلى مختلف دول العالم، حيث تخرج كبار علماء المسلمين في الطاقة والعلوم التجريبية والبحتة

تصنيفاته

ترك حوالي مائتي مصنف، منها المؤلف الكبير، ومنها البحث الذي نشر في مختلف المجلات المحكمة في العالم، سواء في علوم التكنولوجيا والتنمية، سواء في علوم الطاقة، أهمها كتاب Plasma Engineering  سواء في علم الأقليات الإسلامية، سواء في علم التاريخ، سواء في علم الأنساب، سواء في فن الشعر؛ فله ديوان شعر باللغة الفرنسية، وباللغة الإنجليزية. وله كذلك بعض الأشعار كتبها في طفولته باللغة العربية.

كذلك ألف في التاريخ مؤلفات عديدة؛ من أهمها كتاب: “انبعاث الإسلام في الأندلس”، هذا الكتاب الذي تطرق فيه وتوسع في تاريخ الإسلام في الأندلس منذ سقوط غرناطة إلى الآن، وتاريخ الإسلام في الأندلس وجذوره، وهذا الموضوع لم يصنف قبله فيه، واعتمد في هذا الكتاب ألف مرجع. طبع هذا الكتاب في باكستان، وسيعاد طبعه في الأردن.

في الأنساب جمع نسب وشجرة العائلة الكتانية، ولم يكد يترك فيها شاذة ولا فاذة سوى القليل مما حصره في كناش الشجرة الكتانية.

توفي رحمه الله تعالى بقرطبة – إسبانبا، فجأة وفي ظروف غامضة وهو مستعد للرجوع لبلاده المغرب، سحر ليلة الثلاثاء 15 محرم الحرام عام 1422 الموافق 10 أبريل عام 2001، بعد تهديدات بالقتل كان تلقاها من اليمين المتطرف الإسباني، من أجل نشاطه الإسلامي الكبير في إسبانيا وأوروبا، ونقل جثمانه من الغد للرباط – المغرب، حيث شيع جثمانه في جنازة مهيبة ظهر يوم الخميس الموالي، ليدفن في مقبرة الشهداء. رحمه الله وجعل نزله الفردوس الأعلى بمنه وكرمه

 

أخبار / مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى