احتجاجات شباب “جيل Z” تكشف ضعف التواصل السياسي وتدفع الإعلام العمومي للانفتاح عليهم

لازالت احتجاجات شباب “جيل Z” في تطور مستمر للمطالبة بإقرار إصلاحات تتعلق بقطاعي التعليم والصحة ومحاربة كل أشكال الفساد، مع ملاحظة اكتساء أغلبية الاحتجاجات بطابع السلمية بعد تسجيل انزلاقات في الأيام الأولى للاحتجاج، وملاحظة تراجع حدة التدخل الأمني في الأشكال التعبيرية.

ولعل الوعي المبكر بالانعكاسات السلبية للعنف، ودعوة هيئات دعوية وسياسية وجمعوية ساعد على احتواء تلك الانزلاقات، فقد طالبت كل من حركة التوحيد والإصلاح وجماعة العدل والإحسان وحزب التقدم والاشتراكية وحزب العدالة والتنمية وحزب فيدرالية اليسار الديمقراطي الشباب بوقف العنف. 

وفي تشخيصه للوضع قال الدكتور أوس رمال رئيس حركة التوحيد والإصلاح إن “ما يجري يعكس بوضوح أزمة ثقة متنامية بين المواطنين والحكومة، وهي نتيجة تراكمات لم تُعالج بالجدية المطلوبة”، وعنده أن الحكومة – في الغالب – لا تتواصل بما يكفي مع الرأي العام، وحين تفعل يكون خطابها تقنيّا أو متعاليا أو دون مستوى انتظارات الناس، ممّا يزيد الفجوة اتّساعا”.

وفي ما يخص نقطة التواصل السياسي، ظهر للجميع أن الحكومة توقفت عن اعتماد التواصل بعد خروج المسيرات، ويرجع بعض الباحثين ذلك إلى أن الحكومة لم يكن في حسبانها أن تتطور الأمور بهذا الشكل في وقت كانت فيه مكونات أغلبيتها تدشن حملات انتخابية لقيادة حكومة “المونديال”.

وعند إدراك الحكومة لما يحدث، لم يسعفها خروج أعضائها في إيقاف الاحتجاجات بل ساهم في تمددها خاصة بعد ظهور وزراء ونواب على قنوات تلفزيونية عمومية وهم يتبرؤون من إفرازات السياسات العمومية الحكومية. 

استنكرت اللجنة الحقوقية لحركة التوحيد والإصلاح العنف الممارس ضد المتظاهرين بعدما شهدت عدة مدن مغربية يومي السبت والأحد 27 و28 شتنبر 2025 ع

ويفسر الدكتور حسن أوريد استمرار الاحتجاجات بكون الشباب الذين يقودون موجة الغضب الحالية “نشأوا في عالم رقمي منفتح، ولا يتأثرون بالخطابات التقليدية ولا بالوسائط القديمة التي كانت الدولة تعتمدها لتمرير رسائلها.

ويلقي في مقال نشره على موقع “الجزيرة” ما يحدث إلى “ازدواجية يعيشها المغرب بين بلدين داخل الدولة الواحدة: مغرب الواجهة الذي يقدم في الخطب الرسمية ويروج في الإعلام، ومغرب الواقع الذي يعاني من الفوارق الاجتماعية وضعف التعليم والصحة وانسداد الآفاق”.

ويرجع أوس رمال جذور هذه الاحتجاجات إلى الأوضاع الاجتماعية الصعبة، خصوصا لدى فئة الشباب التي تعاني البطالة وضبابية المستقبل. كما أن التدهور المستمر في التعليم العمومي والصحة العمومية، مقابل الارتفاع المهول في كلفة التعليم الخصوصي والعلاج في المصحات الخاصة، زاد من شعور المواطنين باللاعدالة.

وقد أدى انتظام الاحتجاجات السلمية إلى تسجيل وقوع تحول على مستوى تعامل الإعلام العمومي مع تغطية التظاهرات ومتابعة النقاش السياسي المرتبط بها، حيث استدعت قنوات القطب العمومي شخصيات حكومية بما فيها الوزير الوصي على قطاع الصحة وشخصيات سياسية ومدنية وشبابية لمناقشة الموضوع. 

وتبعا لذلك، استضافت القناة الثانية “دوزيم” أمين التهراوي وزير الصحة يوم الاثنين 06 أكتوبر 2025، بينما تستضيف القناة الأولى مصطفى بيتاس الناطق الرسمي باسم الحكومة اليوم الثلاثاء 7 أكتوير 2025، كما استضافت قنوات عمومية شخصيات من مختلف الاتجاهات. 

أكد المكتب التنفيذي لحركة التوحيد والإصلاح أن معالجة المطالب الاجتماعية المشروعة للمواطنين في مختلف مناطق المملكة، بروح المسؤولية والإنصاف

ويلقي سعد الدين العثماني رئيس الحكومة المغربية الأسبق جزءا من المشكل على ضعف التواصل السياسي ولا يتوقف عند ذلك بل يتجاوزه إلى الحديث، في كلمة له بمؤتمر حزبي، يوم السبت 4 أكتوبر 2025، عن غياب الإصلاح الحقيقي هما السبب الرئيس لخروج شباب “جيل Z” إلى الشارع.

ويترقب محللون استمرار الاحتجاجات في ظل وجود نفس المبررات، ويعقد إسماعيل حمودي أستاذ العلوم السياسية بجامعة سيدي محمد بن عبد الله بفاس مقارنة بين الاحتجاجات التي سبقت حركة “جيل زد” مثل حركة 20 فبراير وحراك الريف من حيث المطالب والاستمرارية.

وقال في برنامج بودكاست بصحيفة صوت المغرب: “من مميزات هذه الاحتجاجات أيضا متواصلة زمنيًا، فبينما كانت مظاهرات 20 فبراير تنظم أسبوعيًا أو كل عشرين يومًا، وتنظيمها كل يوم خميس في حراك الريف، فإن احتجاجات “جيل Z” تجري بشكل يومي، وهو أمر جديد في تاريخ المغرب”.

وتتأكد تلك الاستمرارية بطرح حركة “جيل زد” بيانا على منصة ديسكور يؤكد فقدان الثقة في الحكومة، ويعلن عن مطالب محددة إلى جانب الإعلان عن الاحتجاج الخميس المقبل. الأمر الذي أعتبره الأمين العام لحزب العدالة والتنمية ذ عبد الإله بنكيران غير موفق وطالب الشباب من باب النصح؛ مراجعته وعدم الاحتجاج يوم الخميس والجمعة حيث سيفتتح الملك محمد السادس من البرلمان السنة التشريعية الجديدة. وأكد ذ بنكيران أن رسالة الشباب قد وصلت إلى الجهات المعنية وأن أسلوب الضغط ليس أمرا إيجابيا.

أخبار / مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى