19 سنة على انتفاضة الأقصى الثانية .. ويستمر النضال

في مثل هذا اليوم من شهر سبتمبر 2000؛ اقتحم زعيم المعارضة آنذاك الصهيوني أرئيل شارون باحات المسجد الأقصى بحماية ألفي جندي، وبموافقة من رئيس الوزراء إيهود باراك، وأشعل اقتحامه هذا شرارة انتفاضة الأقصى الثانية، التي استمرت خمس سنوات، وامتدت إلى كافة مدن وقرى فلسطين، وأسفرت عن استشهاد 4412 فلسطينيا وإصابة أكثر من 48 ألفا.

وأما خسائر الجيش الإسرائيلي تعدادها 334 قتيل ومن المستوطنين 735 قتيل وليصبح مجموع القتلى والجرحى الصهاينة 1069 قتيل و4500 جريح وعطب 50 دبابة من نوع ميركافا ودمر عدد من الجيبات العسكرية والمدرعات “الإسرائيلية”، حيث مرت مناطق الضفة الغربية وقطاع غزة خلالها بعدة اجتياحات منها عملية الدرع الواقي وأمطار الصيف والرصاص المصبوب.

فمنذ نهاية عام 1999 ساد شعور عام بالإحباط لدى الفلسطينيين لانتهاء الفترة المقررة لتطبيق الحل النهائي بحسب اتفاقيات أوسلو والشعور بالإحباط بسبب المماطلة وجمود المفاوضات بين الطرفين الفلسطيني والصهيوني بعد مؤتمر قمة كامب ديفيد، وتوضّح أن محاولة “إسرائيل” بدعم من الولايات المتحدة فرض حل على الفلسطينيين بعيداً عن قرارات الشرعية الدولية (242,338,194).

بالإضافة إلى عدم تطبيق الصهاينة للعديد من الجوانب التي تم الاتفاق عليها في أوسلو أو الاتفاقيات والمفاوضات اللاحقة. واستمرار الصهاينة في سياسة الاغتيالات والاعتقالات والاجتياحات لمناطق السلطة الفلسطينية ورفض الإفراج عن الأسرى الفلسطينيين، واستمرار بناء المستوطنات واستبعاد عودة اللاجئين واستبعاد الانسحاب لحدود حزيران 1967، كل هذا جعل الفلسطينيين متيقنين بعدم جدوى عملية السلام للوصول إلى تحقيق الاستقلال الوطني.

وفي ظل هذا الشعور العام بالإحباط والاحتقان السياسي، قام رئيس الوزراء الصهيوني الأسبق أرئيل شارون في 28 شتنبر 2000 باقتحام المسجد الأقصى وتجول في ساحاته، وقال إن الحرم القدسي سيبقى منطقة إسرائيلية مما أثار استفزاز المصلين الفلسطينيين فاندلعت المواجهات بين المصليين وجنود الاحتلال في ساحات المسجد الأقصى فسقط 7 شهداء وجُرح 250 وأُصيب 13 جندي إسرائيلي وكانت هذه بداية أعمال الانتفاضة.

إقرأ أيضا : اقتحامات جديدة للمسجد الأقصى.. والحراس يتصدون

حينها أحيت الانتفاضة الشارع العربي لدرجة أن دولا لم تعرف المظاهرات مثل دول الخليج خرجت فيها مظاهرات مؤيدة لانتفاضة الأقصى، وهو ما أحرج الأنظمة العربية التي عقدت بعد ما يقرب من شهر على اندلاع الانتفاضة القمة العربية الطارئة في القاهرة وخرجت ببيان لم تصل فيه إلى مستوى آمال الشارع العربي، وإن كان فيه دعم وإعطاء صبغة شرعية أعمق لانتفاضة الأقصى، أما الشارع الإسلامي فقد تحرك في مظاهرات حاشدة ودفع نحو تسمية مؤتمر الدوحة الإسلامي المنعقد في نوفمبر/ تشرين الثاني بقمة الأقصى وخرج بيان القمة ناقما على الكيان “الإسرائيلي” وناقدا لأول مرة الموقف الأميركي المتسامح مع قمع الاحتلال.

وهكذا، أحيت الانتفاضة جوانب منسية في المجتمع العربي فعادت من جديد الدعوة إلى مقاطعة البضائع الأميركية والإسرائيلية ونشط مكتب المقاطعة العربية وعقد اجتماعا في العاصمة السورية دمشق وإن لم يسفر الاجتماع عن كثير يذكر. كما شهدت الحركة الفنية عودة الأغنية الوطنية وشعر المقاومة وامتلأت الفضائيات العربية بمواد غزيرة عن انتفاضة الأقصى واحتلت الانتفاضة المساحة الأكبر في أغلب الفضائيات العربية.

أما المجتمع الدولي فقد خرج عن صمته وأدان  حينها الاعتداءات “الإسرائيلية” والاستخدام غير المتوازن للقوة العسكرية وصدرت العديد من القرارات والمقترحات الدولية التي تعتبر وثائق إدانة للجانب “الإسرائيلي”.

وفي الذكرى 19 لانتفاضة الأقصى، يُعيد التاريخ نفسه؛ فلا يألو سياسي في دولة الاحتلال جهدا من التصريح فعلا وقولا بأن السيادة لدولته على الأقصى، بدءا من رئيس الحكومة والوزراء وأعضاء الكنيست، وليس انتهاء بأفراد الجماعات الدينية المتطرفة التي احتلت مساحة لا بأس بها بين أروقة الكنيست حتى باتت مؤثرا فعالا على نتائج الانتخابات والنسيج الحكومي.

لقد ظل المسجد الأقصى على الدوام مصدرا للانتفاضات الفلسطينية كانتفاضتي الأقصى وهبّة النفق وهبّة القدس،  خاصة مع تسارع وتيرة التهويد فيه والاقتحامات التي أصبح يشهدها أسبوعيا من طرف الجماعات الصهيونية المتطرفة او ما يسمى ب”جماعات الهيكل”، بالإضافة إلى اقتحامات يقوم بها بين الفينة والأخرى قيادات عسكرية “اسرائيلية” من رتبة ضابط أو وزير او نائب في الكنيست، دون أن ننسى الإغلاقات التي يشهدها المسجد الأقصى المبارك خاصة أيام الجمعة وفي المناسبات الدينية كشهر رمضان والأعياد.

س.ز / الإصلاح

 

 

أخبار / مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى