لماذا لا تحضر دولة فلسطين معرض التمور بأرفود؟ – الحبيب عكي

لا زال التطبيع مع الكيان الصهيوني الغاصب، يخترق جل الدول العربية، ويكتسح فيها مجالات حساسة وبأشكال خبيثة وضيعة وفظيعة، سياسية واقتصادية، فنية ورياضية، علمية وسياحية..، وطبعا بدعم خفي أو علني رسمي مهزوم من حماة المطبعين، وعلى حساب مواقف الجامعة العربية الرافضة للتطبيع، وعلى حساب إرادة الشعوب المقاومة له بقوة وصلابة تصل حد الاحتجاج بالمسيرات المليونية والفضح والمقاطعة، بل على حساب القضية العادلة ذاتها للشعب الفلسطيني المكلوم في أهله والمغصوب في أرضه والمهجر من وطنه، اللاجئ في مخيمات الشتات والممنوع من حق العودة، وعلى حساب شيء اسمه ما تبقى من التضامن القومي والفضيلة والكرامة الإنسانية، والتي بقدر ما تتراجع في العالم العربي  – مع الأسف – بقدر ما تزداد في كل العالم  الحر الأبي، الذي يعتبر “إسرائيل” كيانا غاصبا خارج الشرعية الدولية، بل متحديا لها بجرائمه العدوانية ضد كل الإنسانية، وينبغي أن يؤدب ولو بالمقاطعة على أضعف الإيمان.

بالأمس جريمة بناء مجسم للهولوكوست في قلب مدينة مراكش،على مرأى ومسمع الجميع، واليوم فضيحة حضور شركة فلاحية إسرائيلية في معرض التمور بمدينة أرفود، ولئن كانت الدولة بالأمس ربما بفعل الضغط المجتمعي والإعلام الافتراضي، قد تحملت مسؤوليتها ونسفت مجسم العار، فإن سلطتها اليوم في أرفود قد سارت ضد التيار الشعبي والإجماع الوطني الرافض للتطبيع، فعنفت أعضاء المرصد الوطني لمناهضة التطبيع أثناء اعتزامهم تنظيم وقفة احتجاجية في قلب المعرض، وعلى رأسهم رئيس المرصد المناضل الحقوقي “أحمد ويحمان”، الذي ضرب مع الأسف من طرف قائد المنطقة وحاشيته بزيهم المدني، وربما حسبوها منطقة محمية وخاصة باليهود و”اللي دخلها يرعف”، فضربوا الرجل وركلوه حتى سقط وأصيب بكسر في يده، بل زج به في محاكمة تحاول تحوير القضية من فضيحة التطبيع الشنيعة إلى مجرد جريمة الضرب المتبادل في لحظة انفعال آدمي كانت فيه السلطة هي البادية، مما أوقع مع الأسف بين المغاربة وحما الصهاينة في شركتهم،”خلاها مولاها خايبة حتى للمعاودة:”ليهود يبيعوا ويشريوا في المعرض..والمغاربة في المدابزة والمحاكم..إي والله قضية..ههييهه”.

“إسرائيل” كيان غاصب، ومجرمة حرب، تقتل المقاومين والأطفال والشيوخ والنساء، وتخرجهم بالقوة من أرضهم وديارهم، لذا فالتطبيع معها أي تطبيع، جزءا من الإشكال وليس جزءا من الحل، فضيحة فتنة واستسلام لا مفاوضات وأمن وسلام، المهم خلال محاكمته التي حضرت جلستها الأولى إلى جانب ثلة من خيرة محامي المغرب مؤازرين للضحية يتقدمهم النقيب عبد الرحمان بن عمرو والمحامي خالد السفياني وحشد من القوى الحية والحقوقية بمدينة الرشيدية، قلت رافع المناضل الحقوقي أحمد ويحمان ضد التطبيع لعل حماة المطبعين يدركون بعض أخطاره على البلاد والعباد، وقال كما ورد في كتابه:”ببييييبيييو..الخراب على الباب”،إن البذور الإسرائيلية قد تسببت في سرطنة 75 ألف مواطن مصري، وبسببها لازال بطل تلك المأساة يقبع في السجن، وفي المغرب أعد الصهاينة مخططا جهنميا لتقسيم البلد إلى خمس دويلات في الشمال والجنوب والشرق والغرب والوسط، ومخطط لابتزاز المغرب في ملف الصحراء مقابل التطبيع، عمليات تدريب مواطنين من طرف صهاينة الموساد وحاخامات، صفقات لتجنيس مواطنين غير مغاربة وتزوير جوازات سفرهم، استقطاب فنانين ومثقفين من حساسية معينة لزيارة إسرائيل، تنظيم حفلات وأعراس مثلية شاذة ترفع فيها أعلام الكيان الصهيوني في رمال “مرزوكة” وبعض قصور الجنوب الشرقي، تدنيس المسجد الأقصى، وإحراق باب المغاربة ومصادرة أوقافهم وهدم حارتهم على أهلها دون حسيب ولا رقيب.

إن المغرب كان على الدوام سندا قويا وعقائديا لإخوانه الفلسطينيين، رفع قضيتهم إلى درجة قضاياه الوطنية الأولى، وبرهن على ذلك بنصرته للقضية بمسيراته المليونية المباركة، برئاسة جلالته للجنة القدس، بفتح صندوق يتيح للمغاربة جميعهم المساهمة في تنميتها، بل وضع قانون تجريم التطبيع في البرلمان، ورفض صفعة القرن التي ترعاها أمريكا والتي أراد بها “ترامبولا” تهويد القدس وجعلها ضدا على مجرى التاريخ عاصمة للكيان، تماما وكأن المغرب الأقصى قد سكن المسجد الأقصى. أبعد كل هذا يسمح أحد لنفسه، كائنا من كان أن يطبع في معارضه الفلاحية أو مهرجاناته السيمنائية أو غيرها؟ لماذا لا نحترم الإرادة الشعبية في الموضوع؟ أين مشاعر المغاربة المقاطعين للبضائع الصهيونية فلاحية كانت أو غيرها؟ أين معاهدنا الفلاحية للزراعة والبيطرة وأين باحثوها ومهندسوها؟ في برنامج أي حزب أو أي فاعل وردت دعوة الصهاينة والتطبيع معهم، وجل هؤلاء الفاعلين إن لم يكن كلهم لهم عضوية في المرصد الوطني لمناهضة ومقاومة التطبيع؟ ودون الخوض في معرض التمور في حد ذاته والناس لم ترى منه غير غلاء الأسعار والتهابها، وسمسرة غالبية المنتوج ونذرة الجودة وسط احتراق واحات النخيل في المنطقة وجفافها..دون غوث يجدي، دون الخوض في كل هذا، هل تنقصنا التمور حتى نستورد تمر إسرائل، وعندنا أجود منها من الفقوس والمجهول والخلط الرفيع؟ هل يصح أن يصوم الناس طوال النهار في رمضان أو غيره إيمانا واحتسابا ثم تفطرونهم على تمر إسرائيل غفلة وخذلانا؟ ألم نغلق مكتب الاتصال مع الكيان الصهيوني الغاصب في الرباط منذ زمان؟ وأخيرا، إذا كان معرض التمور بأرفود يسع لكل هذا الانفتاح وكرم الضيافة والترحاب، فلماذا لا تحضره دولة فلسطين عوض الكيان الصهيوني.

 

أخبار / مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى