كورونا ودلالة الأرقام إلى متى؟ – محمد حامي الدين

بداية لا أحتاج إلى التنويه بالتفاعل الذكي والفوري والشامل من طرف جميع مؤسسات الدولة وعلى رأسها المؤسسة الملكية مما يؤكد طبيعة الدينامية التي تختزنها جينات الدولة المغربية والتي كثيرا ما تخفيها بعض الحسابات الصغيرة أو تمنع ظهروها بعض الأشخاص غير المناسبة في المكان غير المناسب ولكن الحاجة ماسة إلى مراكمة الانجازات وتحصينها وتلافي ما قد يقع من هفوات قد تحصد ما تم تحقيقه لا سمح الله.

في غضون 16 ساعة ارتفعت أعداد المصابين بأكثر من 220 حالة، ماذا يعني هذا؟

بالرغم مما يمكن قوله من تضاعف سبة التشخيص فإن المعطيات الرقمية تشير إلى دلالات وتخفي مخاطر وتفرض إجراءات استعجالية.

 الدلالات والمخاطر:

1 – كورونا صارت صناعة محلية ولم يعد مصدرها الحالات الوافدة وهو ما يعني بؤرا تتشكل في أحيائنا .

2 – نسبة الوفيات المتدنية وارتفاع نسبة الشفاء تعكس مجهودات مقدرة تقوم بها المصالح الطبية. غير أن هذه النسبة التي قد تخدع البعض بالإقدام على المخاطرة بالخروج والاستهانة قد تكون حالة مؤقتة ورهينة بالتحكم في نسبة الإصابات التي يؤدي ارتفاعها إلى خروج الأمر عن نطاق السيطرة لا قدر الله والدخول في نفق نسبة الوفيات المرتفعة

3 – ارتفاع نسبة الإصابات يدل على أن هناك ثغرات متعددة في الحجر الصحي المطبق ينبغي معالجتها على وجه الاستعجال.

4 – التاريخ المقرر لانتهاء حالة الحجر الصحي سيكون تاريخا لإعلان تمديدها ومن العبث أن يكون هناك إنهاء في ظل هذه الظروف.

5 – بتحديد عدد المخالطين وفي انتظار التطبيق المعلوماتي ستظهر بؤر جديدة مع الأسف.

6 – هذه الأرقام تؤكد أن البعض يتصرف وكأنه لم يعلم بعد بوجود جائحة كورونا فلا التزام بحجر صحي ولا هم يحزنون : كمامة تحت الذقن وورقة الترخيص في الجيب وسير على الله…

7 – كلما بقيت هذه الثغرات كلما أصبح هدف تجاوز المحنة بعيد الأجل، لأن الفتق يتسع على الرتق  وإذا كنت تبني وغيرك يهدم فمتى يتم البناء.

التدابير الاستعجالية المقترحة:

أغلبها ينخرط في اتجاه تعزيز آليات تنزيل سياسة الحجر الصحي التي تعرف ثغرات خطيرة:

1 – استمرار توقف الشركات التي لا تدعو حاجة غذائية أو طبية إلى فتحها وهناك حديث عن استئناف بعضها فعلا للعمل واستعداد أخرى وفي هذا خطر كبير.

2 – التشدد في غلق المقاهي خاصة في بعض المدن التي استعاض روادها عن الكراسي بشرف القهوة وقوفا متكئين على الحائط!!

3 – غلق تام للأسواق والمتاجر الكبرى لأنها أصبحت تمثل مكانا خطيرا للتجمع ومبررا للانتقال عبر الأحياء، كل الأحياء فيها محلات لبيع المواد الغذائية.

4 – عزل تام للأحياء داخل المدينة الواحدة وعدم السماح للانتقال بينها إلا لضرورة العمل فقط.

5 – تفعيل شراكة حقيقية بين رجال السلطة والمجالس الجماعية وجمعيات المجتمع المدني لتعزيز تطبيق سياسة الحجر الصحي والقيام بخدمات القرب التي أفصلها في ما يلي:

6 – تتعلق خدمات القرب بتوفير المؤونة للأسر المحتاجة والقيام بالتبضع أو شراء الأدوية لصالح جميع السكان بشكل منظم حتى لا يضطروا للخروج ولا يجد هواة “خيطي زيطي” مبررا لتواجدهم في الشارع وتتعلق أيضا بتنظيم الولوج للنقط التي قد تعرف اكتظاظا مثل الشبابيك الالكترونية.

7 – إغلاق العيادات الخاصة وإقرار نظام للمداومة يقتصر على الحالات المستعجلة.

8 – إقرار نظام للتعويضات عن المخاطر للأطباء المواجهين بشكل مباشر لمرضى كورونا.

9 – توقيف المارة الراجلين وأصحاب العربات والتأكد من وجود مبرر جدي لنزولهم إلى الشارع ومن استعمالهم للكمامات وليس وضعها تحت أذقانهم وإنزال العقوبات الصارمة في حق المخالفين وفق ما يقتضيه القانون وليس بالإجراءات الفردية والتصرفات الانفعالية.

10 – الانتقال من العزل الوطني إلى العزل المحلي وفق ما اقترحه الأستاذ العزيز محمد جبرون لتخفيف الآثار، وتشجيع المدن على التنافس مع إنزال العقوبات الصارمة بالمنتهكين لحظر التنقل بين المدن.

11 – إعادة المغاربة العالقين في الخارج وفق شروط صارمة : العزل الطبي لمدة يحددها المختصون والقيام بالكشف أول المدة وآخرها.

12 – تعزيز دور الإعلام العمومي وتعزيز التواصل الهادف، وعوض السيدكومات الحامضة العمل على إنتاج حلقات توعوية في قصة كل مصاب عبرة وفي كل الأسر المتضررة توجد آلاف القصص,

13 – التصدي لبعض المواقع التافهة والأصوات النشاز التي تعمل على تبخيس عمل مؤسسات الدولة أو إشاعة الذعر أو ترويج الأخبار الكاذبة أو خدمة الأجندات الخارجية دون أن يعني هذا حجرا على حرية التعبير وإبداء الرأي.

14 – مواصلة الإفراج عن أكبر عدد من السجناء ممن لا يشكلون خطورة على الأمن العام وطي صفحة عدد من الملفات بالإفراج عن أصحابها ( معتقلي حراك الريف، توفيق بوعشرين، حميد المهداوي وغيرهم) فالزمن زمن التوافق الوطني والمصالحة الشاملة وقد كان العفو السياسي دائما مدخلا لتعزيز مؤسسات الدولة وتأكيد قوتها واستقرارها وليس العكس.

15 – تعزيز المبادرات الفردية البناءة خاصة في مجال الاختراع الطبي وتشجيع الإنتاج الوطني خاصة في مجال المعدات الطبية والأدوية ومواد التعقيم والمواد الغذائية إنتاجا فلاحيا وتصنيع.

16 –  وضع خطة استعجالية لتحقيق الاكتفاء الذاتي في المجالات الحيوية: الغداء والدواء.

17 – تفعيل آليات المراقبة والضرب بيد من حديد على يد تجار الأزمات  والمتلاعبين بالأسعار  والمحتكرين.

18 –  مطالبة أصحاب الملايير المنهوبة بإرجاع ما اختلسوه أو على الأقل الوفاء بجزء من ديونهم عوض ذر الرماد على العيون بمساهمات لا تساوي جزءا من المائة من ثروات الريع التي راكموها وذلك لتغطية الخصاص المهول وحتى لا نضطر إلى التوغل أكثر في نفق الديون الخارجية.

19 –  قيام النقابات والأحزاب بالأدوار المطلوبة من دعم لجهود الدولة وتأطير للمواطنين عموما ولمنتسبيها خصوصا عوض البلاغات الجوفاء والمفرقعات الانتخابوية.

20 – فتح حوار وطني في الإعلام العمومي والخاص وفي كل الفضاءات للإجابة على سؤال المغرب الذي نريد دون ادعاء امتلاك الحقيقة من أي طرف.

حفظ الله بلدنا وسائر بلدان العالمين ورحم الله شهداء كورونا وشفى كل المصابين وخفف عن جميع المتضررين ورفع البلاء عنا.

أخبار / مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى