في فسحة الصيف، مفكير يكتب: علال الفاسي والحركة النقابية

يعد  علال الفاسي  من أهم الزعامات التي عرفها العالم الإسلامي خلال القرن العشرين، وهو شخصية وطنية ساهمت في الجهاد الوطني ضد المستعمر إلى جانب زعامات وطنية كثيرة، وقاومت الاحتلال وألهبت حماس الجماهير وسيطرت على أفئدتهم. وقد جمع سي علال كما يحب أن يسميه محبوه بين العمل السياسي والجهاد الوطني زعامة الفكر، وأصالة الرأي، والقدرة على الكتابة والتأليف والمعرفة الواسعة بالإسلام.

علال الفاسي والحركة النقابية
عبد الرحيم مفكير

علال الفاسي عانى من النفي والتهجير، ولم يوقفه ذلك على الكتابة والتأليف، حيث ترك أكثر من عشرين كتابا في ميادين الثقافة المختلفة، فألف في التاريخ كتابه: “الحركات الاستقلالية في المغرب العربي” ، وكتابه “المغرب العربي منذ الحرب العالمية الأولى” و”مقاصد الشريعة الإسلامية ومكارمها” ، وكتاب: “دفاع عن الشريعة” و “المدخل للفقه الإسلامي”، و”تاريخ التشريع الإسلامي”و”النقد الذاتي” تضمن معظم آرائه وتوجهاته الإصلاحية، وقد كتبه سنة 1949م عندما كان مقيما في القاهرة، وحدد فيه المنهج الفكري لبناء المغرب المستقل، متخذا من الحرية والفكر أساسا لكل نجاح، وداعيا إلى نشر حرية التفكير حتى لا يظل وقفا على طبقة معينة أو حكرا على فئة خاصة. وألف في ميدان الاقتصاد والاجتماع والوحدة والتضامن عدة كتب، منها : “معركة اليوم والغد”، و”دائما مع الشعب”، و”عقيدة وجهاد” وهذه أهم مؤلفاته، أما ما كتبه ففي مواضيع شتى منها: العودة إلى أسبانية، الحماية في مراكش ممن الوجهتين التاريخية والقانونية، حركات الاستقلالية في المغرب العربي، السياسة البربرية في المغرب: عناصرها ومظاهر تطبيقها، المغرب العربي من الحرب العالمية الأولى إلى اليوم، حديث المغرب في المشرق، منهج الاستقلالية، الجواب الصحيح والنصح الخالص في نازلة فاس وما يتعلق بمبدأ الشهور الإسلامية العربية، معركة اليوم والغد،كيلا ننسى، نضالية الإمام مالك ورجال مذهبه، واقع العالم الإسلامي، الإنسية المغربية، صحراء المغرب المغتصبة، الإسلام وتحديات العصر، دفاعا عن الأصالة، في المذاهب الاقتصادية، لفظ العبادة: هل يصح إطلاقه لغير الله، مجموعة أبحاث في الأدب والاجتماع، هل الإنسان في حاجة إلى الفلسفة ؟، تاريخ التشريع الإسلامي، شرح مدونة الأحوال الشخصية، بحث مفصل عن النظريات الفلسفية المختلفة ومقابلتها بالحرية الإسلامية،مستندات لتاريخ المقاومة المغربية.هذا زيادة على مجموعة أخرى من الخطب والمحاضرات والمذكرات السياسية والقصائد الشعرية والبحوث والمقالات المنشورة في أمهات الصحف اليومية والأسبوعية والمجلات الدورية. كما أصدر مجلة “البينة”، وجريدة “صحراء المغرب”، و”الحسنى”، كما خط قلمه مجموعة من الكتب باللغة الفرنسية.وأسهم بنصيبه في ميدان الشعر الفسيح ونبغ في قرضه في سن مبكرة فنظم كثيرا من القصائد الطوال والمقطعات والأراجيز في مختلف الموضوعات، من دينية وسياسية واجتماعية وتاريخية ووطنية ثائرة وحماسية نارية مما أهله لأن يلقب بحق وعن جدارة شاعر الشباب، ويتوج بتاجه الرفيع.

سلفية علال الفاسي:

ظهرت سلفيته في دروسه التي بدأ يلقيها في القرويين منذ كان طالباً سنة 1933م، وبسبب ذلك قام بعض المخالفين بشكايته للملك بدعوى أنه ينال من الصالحين والأولياء، لكن دفاع شيخه محمد العربي العلوي عنه أحبط مساعيهم، وفي المستقبل سيصطدم علال ببعض مشايخ الطرقية الذين استعملهم الاستعمار الفرنسي لإضفاء الشرعية على إزاحة الملك محمد الخامس عن عرشه سنة 1953م. وأيضاً حين هاجم بعض الطرقيين زميله في الدراسة العلامة محمد المكي الناصري بسبب كتابه “إظهار الحقيقة وعلاج الخليقة” قام علال بكتابة مقال بعنوان “الطرق والإسلام” نشر في مجلة “إظهار الحق” بتاريخ 19/3/1926م. ومنذ تلك المرحلة وعلال ورفقاؤه في حرب مع الخرافة والطرقية حلفاء المستعمر الفرنسي، وهذه السلفية هي التي صاغت الحركة الوطنية المغربية عامة، يقول علال في كتابه “الحركات الاستقلالية في المغرب العربي”: «لئن كانت السلفية في باعثها الحنبلي ترمي لتطهير الدين من الخرافات التي ألصقت به والعودة إلى روح السنة المطهرة؛ فإنها لا تقصد من وراء ذلك إلا تربية الشخصية الإسلامية على المبادئ التي جاء بها الإسلام، بصفته المتكفل بصلاح الأمة في دينها ودنياها، وإعدادها لتكون لها الخلافة في هذه الأرض التي حكم الله ألا يرثها من عباده إلا الصالحون، وبذلك فهي حركة تتناول نواحي المجهود الفردي لصلاح المجتمع، وتتطلب فتح الذهن البشري لقبول ما يلقى إليه من جديد، وقياسه بمقياس المصلحة العامة لإرجاع المجد العظيم الذي كان للسلف الصالح في حظيرة الإيمان وحظيرة العمل”. ويصرح علال بأن “الحركة السلفية التي علمت بدء نهضتنا أول تمهيد لهذا الكفاح العقلي والاجتماعي، ولكنها ستظل من غير فائدة إذا لم تتوج بحركة إصلاح شاملة، ومن درجة أقوى وأشد عتوا. لقد عَلمت السلفية الشعب أن يستمع لنقد كثير مما كان يحرم على نفسه أن ينظر فيه أو يستمع لاستنكاره، وهي لم تقم إلا بواجب يفرضه الإسلام نفسه، إذ هو حركة مستمرة وتقدم دائب”.

وانطلاقاً من سلفيته خاض معركة الـ “دفاع عن الشريعة” حين جاء وقت كتابة الدستور المغربي بعد الاستقلال ومحاولة التيار الشيوعي في المغرب إلغاء هوية المغرب الإسلامية في الدستور، وكذلك ألف كتابيه “تاريخ التشريع الإسلامي” و”المدخل للفقه الإسلامي” ليثبت للمخالفين سبق الإسلام للغرب في جانب القانون والدستور من خلال بيان اقتباس الغرب لكثير من فقه الإسلام في قوانينهم.وبقيت السلفية منهج علال حتى وفاته، ففي محاضرته عن الأصالة سنة 1973 أي قبل وفاته بشهور يقول: “وأول ما يجب أن نعتز به من تراثنا هو ديننا الحنيف، فيجب أن نحافظ على التمسك به، واليقين في أفضلية مبادئه، ولكن يجب أن نفرق بين دين الكتاب والسنة، الإسلام الصافي الذي جاء به الرسول محمد صلى الله عليه وسلم وأعطانا صورته في شخصه، وسار على غِراره الصحابة الكرام والتابعين ومن تبعهم بإحسان وكل المصلحين.. ولكن هذا الدين وهؤلاء المسلمين خُلق من بعدهم خلف أضاعوا الصلاة واتبعوا الشهوات.فمنهم المبتدع في العقيدة، ومنهم المنحرف في الشريعة، ومنهم المكثرون من الخرافات..”.لقد كانت سلفية علال تمزج بين تحرير الفرد من عوائق الشعوذة والخرافة الصوفية، وتحريره من عوائق التخلف والجهل، وتحريره من عوائق الاستعمار والاحتلال الأجنبي.

علال الفاسي والحركة النقابية:

سنعتمد في هذا الباب ما كتبه “جاك كولان” لاسيما الشق المرتبط بوجهة النظر لأمور عالم الشغل، والتي ركز على مضامين كتابي علال الفاسي “الحركات الاستقلالية في المغرب العربي، القاهرة، مطبعة الرسالة 1948- 560 صفحة. وكتاب “النقد الذاتي”، القاهرة، المطبعة العالمية 1952- 432 صفحة .لقد تم تحرير الكتاب الأول أثناء مقام علال الفاسي بالقاهرة حيث التحق بالجامعة العربية في ماي/أيار 1947. ويشير التقديم إلى تاريخ أكتوبر/تشرين الأول 1948.

تاريخ علاقات النقابية/الحركات الوطنية من خلال كتاب «الحركات الاستقلالية»:

 إن أهمية الكتاب بالنسبة للمسألة موضوع المدارسة لا تكمن في كون بعض الفقرات المتعلقة بالنقابية تبدو كما لو أعيدت كتابتها. فإلى حد ما يبدو كما لو أن الأمر كان يتطلب، أثناء التحرير، الأخذ بعين الاعتبار تغير موقف حزب الاستقلال الذي، بعد أن كان قبل سنة 1938 يحرم على العمال المغاربة الانضمام إلى الاتحاد العام للنقابات المتحدة بالمغرب (U.G.S.C.M) أصبح يتسامح مع هذا الانضمام بل ويشجعه فيما بعد. ويلاحظ أيضا بأنه لم يخصص أي فرع من فروع الكتاب للحركة النقابية ولا للحركة العمالية بصفة عامة. فهذه المسائل تم التطرق إليها في خانات متعلقة بالسياسة الاجتماعية بمعناها العام. أما الحقب المختلفة التي واجهت فيها الحركة الوطنية المشكل النقابي فقد تعرض لهذا الكتاب بشكل غير متكافئ.

ولربما يكون في هذا الأمر ما يثير الدهشة عندما نعلم بأن علال الفاسي، كيفما كانت مناقبه السابقة، فإنه قد برز على المستوى الوطني بمناسبة إنشاء كتلة العمل الوطني سنة 1934 حول مخطط الإصلاحات ولقد خصص فصلا كاملا من هذا المخطط للشغل. وأشار إليه علال الفاسي عند تعداده للفصول. غير أنه أثناء تحليله للخطوط العريضة لهذا المخطط قفز مطلقا على محتوى هذا الفصل، مع أن الأمر لم يكن يتعلق إلا بالمطالبة وتطبيق الاتفاقيات الدولية المتعلقة بالشغل (8 ساعات، العطلة الأسبوعية، العطلة السنوية المؤدى عنها، التعويض عن حوادث الشغل والمساواة في الأجور).

حقيقة أنه من خلال محاولته البرهنة على «الوطنية» الملازمة لذات المغرب الكبير/المغرب منذ العصور «البربرية» ما بقل الإسلامية، يمكن أن نفهم بأنه يؤكد على الطابع النسبي للوثيقة المطالبة بالإصلاحات باسم احترام نص وروح معاهدة الحماية، ويلح على الطابع الظرفي للمخطط الذي «يستوجب تأييد اليسار في فرنسا ويطمئن الدول الموقعة على عقد الجزيرة الخضراء». (ص 168) غير أن هذا لا يصدق على جميع الأجزاء خصوصا منها تلك المتعلقة بالإصلاحات المؤسساتية والاقتصاد. فحول هذه النقطة الأخيرة يسهب علال الفاسي في ذكر التدابير القمينة بحماية رؤوس الأموال المغربية الضعيفة من المزاحمة الأجنبية. كما يسهب في سرد التدابير المقترحة في المخطط لحماية الصناعة التقليدية وتحديثها.

ويؤكد هذا الانطباع الأولي الفقرات المخصصة للجبهة الشعبية. فالأمر يدعو للاستغراب نظرا لزخم الإضرابات المطلبية لشهري يونيو/حزيران-يوليو/تموز 1936 بالمغرب وحركة الانخراط الكثيف للعمال المغاربة في نقابة اتحاد المغرب، وهي هيئة قامت عنوة وبدون نظام قانوني، بمبادرة من النقابيين الأوروبيين سنة 1930 وانضوت تحت لواء الكونفدرالية العامة للشغل (C.G.T)

فمن خلال سرده انشغل علال الفاسي على الخصوص بالعلاقات السياسية بين الحركة الوطنية (على المستوى القمة) والجبهة الشعبية المتأرجحة بين الأمل والخيبة. وحرص على رسم مراحل هيكلة هذه الحركة في شكل حزب، وهي المراحل التي تتزامن مع فترة تكريس زعامته الشاملة على حساب الوزاني، الرجل الرئيسي في محادثات باريس والذي سيختار الانشقاق دون أن يكون بمستطاعه تجنب التهميش. ولقد تم سرد برنامج الإصلاحات المستعجلة بشكل كامل كأول مرحلة من هذه المراحل) المؤتمر الاستثنائي لكتلة العمل المغربي بالرباط ليوم 25 أكتوبر/تشرين الأول 1936) وكما الشأن بالنسبة لمخطط الإصلاحات لسنة 1924، أدمج الحق النقابي في الحريات الديموقراطية المطالب بها. غير أن مشاكل الشغل تمت صياغتها في الفقرة الخامسة المخصصة «للعملة والصناع»: «تطبيق قوانين العمل الفرنسي (كذا) على العمال المغاربة، تجديد الصناعة المغربية وحمايتها من المزاحمة الأجنبية، مساعدة العاطلين المغاربية» (ص 186).

وينبغي أن ننتظر المقطع الطويل المخصص لحصيلة «الحزب الوطني لتحقيق المطالب المغربية لنجد إشارة لمشاكل الشغل والمشكل النقابي. فالفترة قصيرة حيث ينعقد المؤتمر التأسيسي بأبريل/نيسان 1938 للرد على منع كتلة العمل المغربي في مارس/آذار. وفي أكتوبر/تشرين الأول سيتم حل هذا الحزب اثر حوادث مكناس وفاس، وسيعتقل زعماؤه وسيفنى الزعماء الرئيسيون منهم وسيعيد علال الفاسي إلى الغابون ثم إلى الكونغو الذي سيرجع منه سنة 1946. وتتعلق الحصيلة بنشاط قمع لجان أسسها الحزب الوطني. ولم تهتم أية لجنة من هذه اللجان بعالم الشغل، إذ أدمج هذا الأخير في مهام لجنة أطلق عليها اسم لا يمكن إلا أنم يثير الانتباه ألا وهو: لجنة الإصلاح الديني والاجتماعي».

ومع ذلك، خصص علال الفاسي مكانة مهمة للمشاكل الاجتماعية في العرض الذي قام به حول نشاط هذه اللجنة سنة 1937. ولربما يعزى هذا الشذوذ إلى الفترة التي كان يكتب فيها ألا وهي فترة الانخراط الكثيف للعمال المغاربة في اتحاد النقابات بالمغرب بعد الحرب العالمية الثانية. وبطبيعة الحال فإن هذا المقطع قد كتب في فترة كان فيها حزب الاستقلال يحاول أن يواجه هذه النزعة، ولم يستخلص بعد الدروس من الفشل كما لم يتم بعد تغيير الاتجاه كما وقع في المرحلة النهائية من تحرير الكتاب –كما سنرى- وهذا ما سيأخذه الكتاب بعين الاعتبار.

إن النقطة الحاسمة لدى علال الفاسي هي الظهير التمييزي ليوم 24 ديسمبر/كانون الأول 1936 الذي يخول لأوربيين وحدهم الحق في الانخراط في النقابات. فلقد توصل العمال الفرنسيون بالمغرب للحصول على حق تأسيس فروع الاتحاد النقابي الفرنسي، ولم تسمح الإدارة للمغاربة بهذا الحق ولا تزال مصرة على منعهم إلى اليوم، فوجد العملة المغاربة أنفسهم ووجدنا معهم في كفاح مزدوج: هو مقاومة المنع الحكومي للحق النقابي للمغاربة في الوقت الذي نقاوم فيه تأسيس نقابة أجنية في البلاد تريد أن تجمع في دائرتها كل العملة المغاربة وتنظيمهم وتعبئتهم لخدمة أفراد غير أفرادنا ومصالح ليست في كل حين هي عين مصالحنا.

ومن المفيد الوقوف على نص قام به علال الفاسي حول المسألة: «وكانت وجهة نظرنا أن العملة المغاربة والعملة الموجودين في المغرب يجب أن يؤسسوا نقابات مغربية تتجمع كلها ضمن اتحاد مغربي خاص على غرار الاتحاد النقابي الفرنسي، ولكنه ليس جزءا منه، ويمكن للاتحاد المغربي أن ينظم بنفسه للاتحاد الدولي كما ينضم إليه الاتحاد الفرنسي».”أما الفرنسيون فكانوا يريدون تقوية أعضاء الاتحاد الفرنسي للشغل الذي يسيطر عليه اليساريون لتمكنوا من استعمال العملة المغاربة للدفاع عما يعمل له اليساريون في فرنسا، مع أنه ليس من المعقول أن يصدر ليون جوهو في باريس أوامر ناتجة عن اعتبارات محلية وينفذها المغاربة في بلادهم التي هي أجنبية عن فرنسا ويجب أن تظل بعيدة عن التأثر بالعوامل الداخلية الفرنسية”.

ومن هنا جاءت – حسب علال الفاسي- المشادات العنيفة مع نواب (C.G.T) الذين يقدمهم علال كأشخاص يحظون بدعم فعلي من طرف الإقامة العامة «التي كانت تصمد لكل مطالباتنا بالحق النقابي في الوقت الذي تعترف لنا بأنه لا حق للفرنسيين بان يقبلوا المغاربة في النقابة الفرنسية وأن للمغاربة الحق في أن يطالبوا بتأسيس نقابتهم القومية، ولكن اعتبارات سياسية تجعل الإقامة «بزعمها» مرغمة على تأخير الاعتراف بهذا الحق». ص” 203.

تتميز الفقرات التي تم استعراضها، على الأقل في هذه النقطة، بميل نحو الكتابة النفعية للتاريخ تبعا للأثر السياسي الفوري المبتغى. فلقد تمت الإشارة إلى وقائع حقيقية لكن دون مرجع دقيق. وتتعلق هذه الوقائع بالفترة المعالجة (لجنة الحزب سنة 1937). وتمت الإشارة إلى ظهير ديسمبر/كانون الأول 1936 على الأقل من حيث المحتوى والآثار. غير أنه لم يشر إلى ظهير يونيو/حزيران 1938 –الذي يقع خارج هذه الحقبة، إذ مع منع الحزب لم يعد للجنة وجود- في حين أنه ينص على المتابعة الجنائية في حق المغاربة الذين ينخرطون في نقابة اتحاد نقابات المغرب والنقابيين الأوروبيين الذين يشجعون هذا الانخراط. وهذا ما يكذب ادعاء الاصطدام مع الإقامة العامة الذي يقيم عليه علال الفاسي ديمومة النقاش المطول وذلك بخلط حقبتين مختلفتين لما بعد الحرب. فعلى هذه الحقبة بالذات ينطبق مصطلح «المشادة العنيفة» أكثر مما ينطبق على حقبة 1936-1937. ثم إن الإشارة إلى الفدرالية الدولية تقصد الفدرالية النقابية العالمية لما بعده 1945 أكثر مما تقصد الفدرالية النقابية الدولية لما قبل الحرب. كما أن الإشارة إلى ليون جوهو، وهو تدقيق نشاز في فقرة مركزة وتلميحية، تؤكد بأن هذه الفقرة قد كتبت قبل استقالته (C.G.T) من في ديسمبر 1947 أو في جميع الأحوال قبل المؤتمر التأسيسي لمركزية (C.G.T-F.O) في أبريل/نيسان 1948

ولنأت الآن على حصيلة الحزب الوطني في ميدان التنظيم العمالي كما استعرضها علال الفاسي: «ولما صمدت الحكومة في مقاومتها حاولنا أن نعوض النقابات بتأسيس جمعيات تعاونية للعمال المغاربة، فشكلنا عدة جمعيات للسواقين المغاربة ولبعض المهن الأخرى ولكن الجواب كان الرفض الدائم. فبقينا نعمل برغم ذلك في شكل لجان غير معترف بها (…)» (ص 203) هنا أيضا يلوح بأن الاستمرارية بقيت عبر الحقب حيث أن حزب الاستقلال حاول يعد الحرب أن ينظم انشقاقات أو أن ينشئ منظمات خاصة به غالبا ما تكون أقرب إلى التعاضديات منها إلى النقابات. ولقد تم التأكيد ضمنا على هذه الاستمرارية بالنسبة لسنة 1936 نفسها حيث أن علال الفاسي ينسب للحزب الكفاحات التي خيضت من أجل بعض الحقوق (التي كانت بالفعل موضوع نصوص تشريعية): ثمانية ساعات، الأجور، الراحة الأسبوعية المؤدى عنها: «وفعلا لبى العملة دعوتنا واخذوا يجاهدون في سبيل حقوقهم بالمطالبة تارة والتظاهر حينا والإضراب آونة.» (ص 202) ولم يأت على ذكر الترددات التي عرفتها نواة الوطنيين المجتمعين آنذاك في كتلة العمل المغربي، حيال زخم الحركات الاجتماعية لصيف 1936، فالوطنيون، أعيانا كانوا أو مثقفين أو أعضاء في المهن الحرة، لم تكن لهم دراية بمشاكل عالم الشغل وقلما استهواهم. فمن التعطف إلى اللامبالاة ومن اكتشاف «قيم» الحركة التعاونية التي تحظى، فضلا عن هذا، بتشجيع الإقامة العامة وأرباب العمل الأوربيين والمغاربة، إلى الإلحاح على نقابة مغربية صرفة (عمر بن عبد الجليل)، كل هذه التشكيلة تبدو مؤكدة على الأقل حتى حدود سنة 1937 حيث وضع الحزب الوطني لنفسه نظاما أساسيا وهيكل نفس من القاعدة.

وفي هذا النص يبدو علال الفاسي أكثر انشغالا بالرهانات التي يجسدها التنظيم النقابي المستقل. فحق الشفعة الذي تتمتع به قيادة الحزب الوطني يقوم على أساس ديمومة وبالتالي أقدمية الأهمية التي يفردها للمشاكل المطلبية ومشاكل تنظيم عالم الشغل. وفي هذه الصفحات تتم الإشارة إلى هذه المسألة دائما بشكل تلميحي. فجملة من المناقب التي عزاها علال الفاسي لنفسه فيما بعد أو نسبها إليه كتاب سيرته لا توجد في هذه الصفحات. وإذا ما استثنينا السائقين فإنه لم تذكر أية جمعية بشكل صريح. وسيكون علينا أن ننتظر النقد الذاتي الصادر سنة 1952 لكي يرجع الكاتب بسوابق النشاط النقابي المغربي إلى سنة 1917. وفي كتابه «محاضرات في المغرب العربي الأقصى منذ الحرب العالمية الأولى» الصادر سنة 1955 سيدعى بأنه بعد سنة 1936 أنشئت بفاس والقنيطرة نقابات لنقل والمواد الغذائية وافتتح ما نكون عن السيرة الرسمية الموضوعية من طرف «لجنة نشر تراث زعيم التحرير علال الفاسي» (الرباط) التي بعد تأكيدها لنشاطه النقابي بفاس بارتباط مع السيد أبي الشتاء الجامعي (9) نسبت له إنشاء «نقابة» بفاس سنة 1935 وأضافت بأنها نقابة ممنوعة غير أنه أحياها.والواقع أن علال الفاسي، كما تؤكد ذلك الصفحات التي نحلل، كان متحفظا إزاء نقابة طبقية، بل إنه كان يشجع تنظيما من نوع جمعوي.

ومن خلال زوج النعوث المتعارضة التي يطرحها «فرنسي/مغربي» لا يمكننا إهمال تقارب أفكراه من أفكار أحمد بلا فريج الذي أصبح سنة 1936-1937 ملازمة الرئيسي. فلقد كتب بلافريج في غشت 1933 هذه العبارة: «ليست عندنا طبقات ولكن عندنا عرقين» ونجد بشكل جنيني في الحركات نظرية «النخبة» التي سيتم ترسيمها في النقد الذاتي. فبمقتضى نظامها الأساسي يضفي الطابع الشرعي على وظيفة النخبة كقائدة لجماعة غير قابلة للتقييم.

إن غاية الحريات الديموقراطية المرجوة من الجبهة الشعبية هي «تربية الشعب والإعراب عن وجهة نظره» (ص 185) «وتنظيم الجمهور وتربية وتوجيه الجماعة المغربية نحو الحياة العصرية» يتطلب احترام مسلمتين: التمسك الكامل بالإسلام والتشبث بالنظام الملكي (ص 199). وإذا ما سلم بنظام القيم هذا، فإن الحركة النقابية «بالمعنى الحقيقي للكلمة» لا يمكن إذن إلا «أن تكون بعيدة عن المناقشات الدينية والسياسية». غير أنه يتعين عليها «تأليب العمال ودفعهم للمطالبة بحقوقهم وتوجيهيهم في ذلك التوجيه الصحيح.» (ص 203)

لقد تأكد تفصيل علال الفاسي للنظام الجمعوي من خلال استعماله لضمير المتكلم في الفقرة التالية:

«ونظرت لحالة الصناعة المغربية فألبت رجالها ودعوتهم لخلق روح تعاونية بينهم، ودافعت عن مصالحهم دفاعا قويا، وهيأت لهم أسباب تجديد منظماتهم وحق اختيار أمنائها. وسهلت لهم كل الأساليب التي مكنتهم من رفع صوتهم عاليا، وقد كنت رفعت باسمها تقريرا للحكومة يبين الشكل الذي يجب أن ينظم التعاون الصناعي لإنعاش الصناعة المغربية وتطويرها، وفرقت بين ما يجب أن يكون عليه تنظيم العملة في المعامل الكبرى وبين ما يجب أن يكون عليه حال صغار الصناع التقليديين» فهناك إذن فرق بين المعامل الكبرى العمومية أو الخصوصية الأوربية وبين قطاع النشاط التقليدي في مجمله الذي بإمكان رؤوس الأموال المغربية أن تنتشر فيه. وتؤكد خاتمة الفقرة أسباب هذا التفصيل. «وبالجملة، فقد عملت لغاية واحدة هي التقليل من الفروق بين الطبقات للقضاء عليها نهائيا.» (ص 203)

تغير موقف حزب الاستقلال من خلال كتاب الحركات:

لقد تم الاحتفاظ بهذه المقاربة في الفقرات المخصصة للسياسة الاجتماعية لحزب الاستقلال ابتداء من سنة 1944. «فالحزب يرى وجوب سن قوانين اجتماعية في المغرب من أجل رفع المستوى المادي والخلقي للجمهور المغربي، وتحسين حالة العملة في المدن والقرى، وإعطاء الكل تربية حقيقة (…)» غير أن التحليل استمر في ترجيح كفة الصناع التقليديين وبروليتارية القرى. ففيما يخص هؤلاء تمت التوصية بالتقسيم العادل للأرض كي يتسنى لهم «أن يحصلوا على ملكية صغيرة ومتوسطة.» أما بخصوص الأوائل فإن الوثيقة المستند إليها تعلن أنه: «بما أن جمهور الصناع الصغار في المدن والقرى سيبقى في عداد العوامل الضرورية للتوازن الاجتماعي إلى وقت غير قصير، فمن الواجب مساعدتهم وحمايتهم وتنظيم هيئتم وتوجيههم نحو أسلوب تعاوني.» ، ولقد ألح علال الفاسي في مكان آخر على أن حزب الاستقلال وهو يوجه عطفه بصفة خاصة «للطبقة الفقيرة»، فإنه لا يقصر دفاعه على «أية طبقة اجتماعية» وحدها ولا ينتحل أي مذهب من المذاهب المعروفة (ص 255).

وليس هناك أي شيء في الصفحات الأولى المتعلقة بهذه الحقبة حول الحركة النقابية كما لو أن علال الفاسي اعتبر بأنه قد قال كل شيء مسبقا في الفرع المخصص لحصيلة لجنة الشؤون الدينية والاجتماعية للحزب الوطني.إلا أن الصفحات الأخيرة من الكتاب، المخصصة لحصيلة النشاط الوطني لحزب الاستقلال، تحوي فرعا مخصصا «للنشاط الاجتماعي» يأخذ بعين الاعتبار ما جد في سنة 1948. ففي هذه السنة وقع تغير في موقف حزب الاستقلال فيما يتعلق بانخراط المغاربة في نقابة (CGT) U.G.S.C. ). فمنذ مغربة هذه الأخيرة، بما في ذلك المستوى القيادي، سنة 1946، ما فتئ حزب الاستقلال يرفض عروض العمل الوطني المشترك في الميدان النقابي. وكانت هذه العروض تحظى بدعم الحزب الشيوعي المغربي المتجذر في الساحة والذي لم يكن اقل التزاما بالنضال من أجل التحرر الوطني. إلا أنه كان يعتبر، بسبب طبيعته الطبقية، كمنافس يشكل خطرا على طموحات الحزب الوطني في التمثيل الهيمني للجماعة المغربية التي تعد في نظره غير قابلة للتقسيم. لكن الدعوة إلى مقاطعة U.G.S.C.M لم تلب من طرف العمال. كما أن محاولات الانشقاق، أن نجحت، كثيرا ما يذهب ريحها لأن النقابات (والتعاضديات) الاستقلالية، المفتقدة للأساس القانوني والقائمة في سرية تنتهي بالاضمحلال، علاوة على أن العديد من مناضلي حزب الاستقلال بل وأطره تجاوزوا قرار منعه الانخراط في نقابة U.G.S.C.M. ولقد أخذ حزب الاستقلال هذا الفشل بعين الاعتبار في مطلع سنة 1948، فوقع المنع بغية السيطرة التدريجية على الاتحاد النقابي المغربي.

ولقد عكس علال الفاسي هذا التغير في الموقف في الصفحات الأخيرة التي حرر. غير أنه بحكمه لهذا التغير، كان يسعى إلى الاحتفاظ بما هو أساسي في مقاربته السابقة. وبعد خطابه من بعض الأوجه استرضائيا.

فبعد تذكيره بالكفاح على جبهتين من أجل إنشاء نقابات مغربية «مستقلة» (استقلالية في هذا السياق) كتب علال الفاسي قائلا: «ولقد كانت سياسيتنا هي منع العملة من الدخول للهيئات النقابية الفرنسية. ولكن إزاء تشبث الإقامة العامة بمنع المغاربة من تأسيس النقابات الخاصة بهم، أذنا للعملة بالانخراط في (س.ج.ت) الفرنسية بعدما اشترطنا على الهيئة أن تكون لإخواننا جناح خاص بهم، وعلى أن يكون لهم التمثيل الكافي في مجلس الاتحاد. وقد نجحت هذه المحاولة فتأسست نقابة (جرادة) و(خريبكَة) وغيرهما من المراكز. وقام العملة المغاربة إضرابات مختلفة للدفاع عن حقوقهم والمطالبة بتحسين أحوالهم.»ويضيف علال الفاسي مؤكدا على الطابع التكتيكي الذي أشار إليه أعلاه: «وطبيعي أن هذه الخطوة لا تعتبر إلا مرحلة أولى يقصد بها الضغط على الحماية لتعترف بالنقابات المغربية. ولقد صرحت الإقامة العامة بأنها ستعترف بذلك كله، لكن وعدها ظل حبرا على ورق إلى الآن.» (ص 410)

وفي الفقرات الأخيرة من تناوله للنقابة، يبدو تحفظه أكثر وضوحا في شكل استرضائي توسلي: «وإذا كنا قد تحدثنا عن الحركة النقابية ومجهودها للتحرر، فيجب أن ننبه إلى أن إخواننا العملة المغاربة لا يحملون أية عقيدة اجتماعية لا تتفق مع مبادئنا الاستقلالية، وأنهم إذا كانوا اضطروا للانضمام للنقابة التي يتمتع بها الفرنسيون المقيمون بالمغرب فذلك لأنهم لم يجدوا وسيلة أخرى للإعراب عن مطالبهم، وهو مؤيدون من حزب الاستقلال الذي يضم أغلبية قادتهم ومسيرتهم». (ص 411).

وإذا ما خصصت صفحة كاملة لإضراب الفوسفاط بخريبكة في أبريل/نيسان 1948 (ووردت سنة 1947 في الكتاب خطأ) والمتميز بنف القمع، فإن علال الفاسي لم يفته أن يبدي قلقه تجاه هذا الشكل من النضال: «ويجب أن نصرح بأننا جميعا لا نرى الإضراب إلا وسيلة مؤقتة للحصول على الحقوق الضرورية التي تضمن للمغاربة نيل نتائج أشغالهم الطبيعة وإلا فالفضل في الخلافات التي تقع بين العامل وبين المخدم له يجب أن يكون عن طريق التحكيم والوساطة التي تنظمها الدولة ويخضع لها الجميع.»وكيفما كان الحال، فإن الأسبقية يجب أن تعطي للكفاح السياسي من أجل الاستقلال: «…كما أننا لا نعتبر الكفاح إلا جزءا من الكفاح العام الذي يرمي لتنظيم الأمة والحكومة المغربية وحشدها جميعا لحماية الاستقلال المغربي والاعتزاز بالتراث الوطني المادي والمعنوي، وأننا لنعتقد أنه ليس لنا كفاح غير الكفاح من أجل الاستقلال والحياة الحرة السعيدة في وطننا الذي هو وطن سائر طبقاتنا والرابطة الكبرى بين كل مواطنينا.» (ص 412).

إن هذا الخطاب حول النقابية ينباين بتحذيراته مع الخطاب الموجه لأرباب العمل المغاربة المدعوين إلى المساهمة في القضاء على البطالة بالمشاركة في «التصنيع العام للبلاد»: «فبفضل إرشادات حركتنا توفق إخواننا رجال الغرف المغربية (التجارية والصناعية والفلاحية المخططة) إلى تكوين جامعة عامة بينهم انتخب لرئاستها صديقنا الأستاذ محمد الزغاري عضو المجلس الأعلى للحزب. ونحن لا نشك في أن هذه الجامعة ستقوم بعمل جليل لتنظيم المجهود الاقتصادي الأهلي في مراكش والعمل على تصنيع كامل البلاد.» (الصفحات 409-410)

مكانة النقابية في مشروع مجتمع المغرب المستقل. النقد الذاتي (1952):

بالكتاب المعنون بالنقد الذاتي الصادر أربع سنوات بعد كتاب الحركات ننتقل إلى سجل آخر. والأمر يتعلق هنا باقتراح إيديولوجية. وعلال الفاسي مؤهل لهذا الأمر نظرا لتكوينه «كعالم» سلفي من دعاة الاجتهاد. ففهم التاريخ كان موضوع صياغة أولى في كتاب الحركات: ديمومة الذات المغربية-المغاربية التي تفتقت قيمها الدفينة في القيم الإسلامية والمؤسسات الملكية. وتتحد وظيفة هذا الفهم في إضفاء الطابع الشرعي على القيادة الشاملة لحزبه وأستاذيته في اختيار الأهداف ووسائل العمل السياسي، لأن المرآة التي يعكس عليها هذا الفهم هي مرآة الجماعة الوطنية غير القابلة لتقسيم منذ نشأتها والتي من المطلوب أن تبقى كذلك بجوهرها في مستقبلها. ويجعل النقد من هذه العناصر نظاما. ففي هذه الوضعية غير القابلة للتقسيم التي لا مكان فيها للتمييز بين الجماعات على أساس القانون والوظيفة، يخصص علال الفاسي للنخبة مكانة مرموقة ويضعها إلى حد ما في مرتبة «العلماء» المتميزين كفئة قانونا وظيفة. ويسند لها مهمة خطيرة هي إضفاء الطابع الشرعي على إعمال السلطة ومراقبة الأخلاق. ويتعلق الأمر بالمحافظة على هذا الدور وإعادة إنتاجه في سياق مغرب القرن العشرين الذي يتعين عليه أن يتعصرن وأن يثبت بالتالي تحليه بروح المبادرة، أي حسب قراءتنا، بالمعنى الرأسمالي للكلمة، متجنبا الثورة الاجتماعية عن طريق احترام القواعد التضامنية للزكاة طبقا للتقاليد الإسلامية.

إن توطئة الكتاب لذات دلالة. فهي دعوة للنخبة العاملة إلى التفكير والحوار من أجل «تحديد المثل العليا، واختيار أحسن السبل للوصول إليها، مع امتحان الضمير في كل المراحل، ومحاسبة النفس على أغلاطها  (…) «وإذا قدر للنخبة المغربية أن تجتمع يوما ما لتضع برنامجا عاما مفصلا لكل فروع الحياة ومظاهر النشاط القومي في مغرب الغد، ووجدت في هذا الكتاب ما يدلها على سبيل تحقيق غايتها فسيكون ذلك خبر جزاء على الجهد الذي بذلته، والطريق الذي مهدته.»

ويأتي الكتاب في شكل «توجيهات» موجة إلى «النخبة» أي إلى «ارستقراطية الفكر» المدعوة إلى التفكير باستمرار في علاقتها «بالجمهور» أي «»فكر العوام. وفي إطار هذه العلاقة تم التطرق إلى مشاكل النقابية. ففصلان فقط (من أصل 65 فصلا أو في أحسن الأحوال من أصل 33 فصلا يضمهم القسم المتعلق القسم بالفكر الاجتماعي) خصصا صراحة للمشاكل النقابية تحت عنوان «النظام النقابي» و«ضرورة النقابة القومية».وقبل أن نذهب قدما في التحليل، تذكر باختصار أين وصلت النقابة بالمغرب سنة 1952. فلقد تواصلت حركة الانخراط في نقابة U.G.S.C.M. وكرست هذه الأخيرة نفسها في مؤتمر 1950 كمركزية مغربية مستقلة. وانتخب استقلالي، هو الطبيب بن بوعزة، كاتبا عاما مساعدا، وعرفت الحركة أوج ازدهارها.

إن الفقرة الرئيسية المتعلقة «بتوجيهات» علال الفاسي في الميدان الاجتماعي هي التالية: «إن الثورة الحقيقية دائما تكون في عمقها محافظة على كل ما هو عزيز ومحبوب «(ص 307) ولا نعني الهدم أو الخروج على العدل الذي عني في اللغة العربية المساواة ولا على الإحسان الذي يعني في السلام الإتقان والتقوى.»ففي الميدان النقابي إذن ينبغي أن «نعوض المنظمات السابقة بالمنظمات الموافقة لروح العصر.» (ص 417) وكانت الأنظمة الجمعوية السابقة تقوم على أساس تجمع أولئك الذين يمارسون نفس المهنة. وما ينبغي الدفاع عنه هو المهنة وليس العامل. ومنذ انطلاق الصناعة، طرح مشكل التوازن بين العمل والعامل. فهناك إذن حاجة إلى تنظيم العمل وإلى منظمات تجمع شمل العمال. ولقد حبذ البعض لهذه الأخيرة أشكالا ثورية من النضال، بينما فضل البعض الآخر الإثبات السلمي. ولقد أبدى علال الفاسي تفضيله لروح المهنية على الروح الثورية التي تؤدي إلى «التطاحن بين الطبقات». (ص 419) وهو أنمر غير ضروري على عكس ما يزعمه الماركسيون في نظره.

ويجب أن تكون من بين الأهداف البعيدة للنقابية الرجوع إلى هذه الروح المهنية التي تتضمن العمل والأخلاق والتي يكمن شعارها في التعاون والحوار الحر. ففي الحالة الحاضرة، إذا كان النضال من اجل الحقوق ضروريا فإنه ينبغي تحريم «العمل الشديد الذي يرمي لقلب الأنظمة عن طريق الثورة.» (ص 419) وتنمية «روح العمل وروح التضامن»

وانطلاقا من هنا يرفض علال الفاسي إقحام السياسة في النقابية أو العكس. حقيقة انه في الوقت الذي كتبت فيه هذه السطور، كان هذا موجها «لماركسي» الحزب الشيوعي المغربي ومفهومهم للنقابية الطبقية – حتى ولو كانت وطنية- كيف ما كان الوزن المتزايد لحلفائهم الاستقلاليين في المحافل النقابية. غير أنه بالرجوع إلى الوراء، لا تخلو البرهنة من أهمية، ونحن نعلم الآن التطورات اللاحقة للحركة النقابية المغربية: تكوين الاتحاد المغربي للشغل سنة 1955 بقرار انفرادي القادة النقابيين المغاربة باستثناء أولئك الذين لم يكونوا أعضاء في حزب الاستقلال، تحالف الاتحاد المغربي للشغل مع الاتحاد الوطني للقوات الشعبية سنة 1959 ثم انشقاق الاتحاد العام للشغيلة المغربية سنة 1960 بمبادرة من حزب الاستقلال.

لقد كتب علال الفاسي بأنه يجب أن تكون النقابات في الميدان الاجتماعي كالأحزاب في الميدان السياسي. فمهمتهم هي ربط «علاقات تضامنية بين جميع الذين يتحدرون في المهنة من أجل الدفاع عن حرية وسعادة الجميع «مواطنين وأجانب كيف ما كان لونهم السياسي» ولا فإن هذا لن يؤدي إلا إلى الشقاق. ويؤيد علال الفاسي وجهة نظره بالاستشهاد بلينين.

ويبقى المشكل الجوهري المطروح بطبيعة الحال بإلحاح سنة 1952 هو كالتالي: بما أن نقابة U.G.S.C.M بالفعل نقابة تعددية سياسيا «فكيف يمكن إذن لحزب ما ان يحافظ على نفوذه المعنوي على العمال؟ وكيف يجعلهم لا يتجهون وجهة سياسية ضد المبدأ الذي يكافح من أجله؟» ’ص 421) المسألة بسيطة في نظره. «عوضا عن تحزيب النقابة يجب تحزيب الأفراد». وهذا ما يفترض «مواصلة الاتصال بالجمهور خارج النقابة وداخلها.» وهذا ما يسهل «الارتباط المعنوي» بين الحزب والنقابة دون أن تكون هناك حاجة إلى تأسيس هذا الارتباط. «وهكذا يمكن أن تعمل النقابة لفائدة الكفاح القومي دون أن تعتبر متحيزة لنظرية سياسية. كما يمكن للحزب القومي أن يعمل لصالح النقابة دون أن يعتبر متحيزا لطبقة دون أخرى من الشعب، لأن التعبير الوطني يربط بين الجميع.» (ص 421)

فعلال الفاسي إذن يردد بخصوص مسألة روابط الحزب بالنقابة تصورا مطابقا لتصور الحزب الشيوعي المغربي اللهم فيما يتعلق بالالتزام تجاه طبقة معينة. ومع ذلك فإن ما اخذ عليه الحزب الشيوعي المغربي فيما بعد هو قيامه بعملية «تحزيب الأفراد» في حين أن حزب الاستقلال كان يمارسها بشكل واسع (16).إلا أن علال الفاسي في الفصل الموالي يبدو أنه يقصر هذا الحق على الحزب الوطني فقط وذلك في تناقض تام مع الطروحات التي سبق وسردنا. فعلال الفاسي يعتبر دائما إنشاء «نقابة مغربية» هدفا صالحا بحيث أن هذا الهدف احتفظ به أثناء تغيير التكتيك النقابي لحزب الاستقلال سنة 1948. فهل يعد هذا جهلا بالحقائق المغربية من طرف رجل افتقد كل صلة بدنية بهذه الحقائق منذ خمس سنوات؟ إن نوع البراهين المقدمة يسمح بتقديم بعض عناصر الجواب.

لقد خصص قسم مهم من هذا الفصل لإثبات وجود طبقة عمالية مغربية (17). واحدث هذا القسم قطيعة مع فقرات كتاب الحركات التي تعطي مكانة مرموقة للصناعة التقليدية والبروليتارية القروية. فعلال الفاسي يعود بنشأة هذه «الطبقة من رجال العمل» كظاهرة واسعة بشكل ذي دلالة إلى الحرب العالمية الثانية. ويعزى هذا، في نظره، إلى رفع ممانعة الإدارة الاستعمارية في تصنيع المغرب، وإلى الحاجيات التي خلقتها الحرب ثم «الاقتصاد الأطلسي» وإلى اليقظة الصناعية للمغاربة. «إننا لا محالة إزاء قضية البروليتارية المغربية التي لا بد من أن يكبر عددها بقدر ما يقع في البلاد من تصنيع». (ص 428) فالأمر يتعلق إذن بنبيه «النخبة» «المعنية» «بتوجيهات» «الكتاب» إلى وجود رهان طبقي.

ويطرح علال الفاسي السؤال الجوهري التالي: «هل من الصالح أن نتركها (هذه الطبقة) عرضة للدعايات المختلفة أو للاستغلال السياسي الأجنبي؟» (ص 430) على كل حال «يجب أن لا تبقى مهملة فوضى، بل يجب أن تنظم النظام العصري الصالح لما تنشده من حرية ومن حياة طيبة.»إن هذا الرهان الطبقي هو الذي يبرر المفارقة التاريخية التي تنطوي عليها المحاجَّة المتعلقة بالحركة النقابية سنة 1952 وذلك في تناقض تام مع طروحات الفصل السابق. ولقد استهدفت نقابة U.G.S.C.M على الخصوص لكونها تنتسب إلى النقابية الطبقية، وهذا ما لا يقل خطرا عن وجود حزب طبقي (الحزب الشيوعي المغربي) على الساحة الوطنية، وإن كان يشكل منذئذ أقلية في قيادة النقابات لحساب حزب الاستقلال.

إن التلويح من جديد بحجة «العرقين» العائدة لفترة ما قبل الحزب وغير المتوقعة بعد تأكيد وجود الطبقة العاملة، يمتاز بتحقيره للنقابية الطبقية كفكرة مستوردة، وذلك بإحلال صفة التطابق، في سياق من الخلط، على كون النقابية نشأت على يد الأوروبيين –وهذه مسألة ظرفية – وكون توجهات النقابية المغربية الحالية ذات طبيعة طبقية.

وعلى العكس من ذلك، لاحظ بأن حجة الاستيراد لا يلوح بها إلا في ميدان الشغل والحركة العمالية بالمفهوم الواسع. ولا يدلي بها أبدا في المسائل المتعلقة بميادين الاقتصاد والمالية والمؤسسات حيث لا يمكن إنكار الاستيراد. إلا أن هذه الميادين، كيفما كانت إيديولوجيات الإقرار الشرعي وإعادة التملك الوطنيréappropriation، تطابق إلى حد كبير طموحات طبقة «النخبة» التي يملى عليها الفاسي درسه. فيتعين علينا إذن أن نؤكد الرهان الطبقي كنقطة انطلاق لهذا الخطاب البالي anachroniqueحول النقابية «الفرنسية».

وبطريقته المتكررة في الكتابة، يؤكد علال الفاسي من جديد –وبشكل أوضح من السابق- أقدمية انشغالات الحركة الوطنية حول هذه النقطة: «لقد بدأنا بالدعوة للحركة النقابية في الوقت الذي بدأنا فيه بالدعوة للحركة الوطنية، ذلك لأننا اقتنعنا من أول يوم بضرورة سير الحركتين معا بصفة متوازية لغاية واحدة وهي التحرير السياسي والاجتماعي للشعب المغربي. ومنذ أول يوم وجدنا أنفسنا أمام معارضتين متناقضتين في الظاهر، وإن كانتا متفقتين في الواقع وفي نفس الأمر: الأولى معارضة الإدارة التي بيدها مقاليد الأشياء بالمغرب والثانية معارضة النقابيين الأوروبيين.» (ص 427)

وبعد أن وضع القاعدة، كقاعدة دائمة، أوضح علال الفاسي: «بأن اتحاد النقابات مهما كانت النظريات التي تسيطر عليه وتوجهه في عمله هو اتحاد فرنسي في المستعمرة قبل أن يكون اتحادا عماليا، والدولية التي هو هي شعوره تتبخر دائما أمام مذبح الاستعمار.» (ص 430) وذهب إلى حد التشكيك في مواثيق عمل (س.ج.ت) التي حاكمها على ظروف العمل المفروضة من طرف السلطة الاستعمارية. فهي، في نظره مواثيق لا قيمة لها ما دام هناك ميز في الحقوق بين المغاربة والأوروبيين وتفضيل لهؤلاء على أولئك.

وبعد أن وضع القاعدة، كقاعدة دائمة، أوضح علال الفاسي: «بأن اتحاد النقابات مهما كانت النظريات التي تسيطر عليه وتوجهه في عمله هو اتحاد فرنسي في المستعمرة قبل أن يكون اتحادا عماليا، والدولية التي هي شعوره تتبخر دائما أمام مذبح الاستعمار.» (ص 430) وذهب إلى حد التشكيك في مواثيق عمل (س.ج.ت) التي حاكمها على ظروف العمل المفروضة من طرف السلطة الاستعمارية. فهي في نظره مواثيق لا قيمة لها ما ادم هناك ميز في الحقوق بين المغاربة والأوروبيين وتفضيل لهؤلاء على أولئك.

وبناء عليه، فإن النتائج التي نستخلصها مما سبق، يمكن أن تنطبق على وضعية نقابة U.G.S.C.M سنة 1952 وذلك في اتفاق تام مع الطروحات الواردة في الفصل السابق: «وهذا كله يفرض على عمالها أن يعتمدوا على أنفسهم، ويطالبوا بالحقوق التي لهم، ضمن نقابة متحررة من جميع التأثيرات الاستعمارية المباشرة وغير المباشرة. (ص 431) غير أن علال الفاسي لا يعير أية أهمية لحق العمال في تقرير أشكال النضال والتنظيم والتوجه النقابي بكل حرية وفي استقلال تام. فهذا الاستقلال لا يمكن إلا أن يكون نسبيا ذلك أنه ليس من مهام الجمهور أن يربي نفسه بنفسه وأن يوجهها. فهذه مهمة النخبة كما تشير إلى ذلك الصفحات الأربعمائة من الكتاب. وتشكل قيادة حزب الاستقلال، البرجوازية في شموليتها، نواة هذه النخبة. وعليها إذن أن «توجه الكل نحو غاية واحدة، وإلا وقع الاختلاط والاضطراب فالفشل.» (ص 430). «وذلك ما فرض على حركتنا بالأمس وما يفرض عليها اليوم والغد أن تتخذ سياسة عمالية موافقة لشكل العمل الوطني وإطاره» (ص 430). «لأن مستقبل الوطن كله منوط بتنظيم الشعب وتوجيهه الوجهة القومية الصحيحة التي لا تسعى إلا للتحرر ولا تدين إلا بالصالح المغربي» ’ص 342)، ذلكم الصالح الذي تعود للنخبة، وحدها، مهمة تحديه.

وبإعلانه أنه: «يجب لذلك أن تكون النقابة قومية» (ص 430)، يوصي علال الفاسي إذن بوضع المنظمة تحت الوصاية وتوجيه حزب الاستقلال، لها نحو أهداف تخدم مصالح بورجوازية وطنية توجد الآن، وقد دقت ساعة الاستقلال، على أهبة الوصول إلى السلطة. ولتأكيد ذلك لسنا بحاجة إلى الاستشهاد بالنصوص، يكفي أن نسرد ما يلي: «إن الجمهور المغربي يجب أن لا يصبح ألعوبة في يد بعض الاستغلاليين السياسيين الأجانب (…) يجب أن لا يصرف طاقاته إلا للعمل على تحريره الاجتماعي والقومي، ومساعدة الاقتصاد المغربي على التحرر من كل العراقيل الاستعمارية، لكي يهيئ له ولإخوانه ميادين العمل الحرفي ظل نظام قومي حر» (ص 341).

خاتمة

إننا لا نعتقد بأنه من العبث، في إطار التفكير في الروابط بين الحركة النقابية-الدولة (المستعمرة والمرتقبة)-الحركة الوطنية، أن نأخذ في الحسبان المؤلفين الرئيسيين اللذين كتبهما علال الفاسي في العقد الذي مهد لاستقلال المغرب. إنهما يكشفان على الأقل عن ترددات وتناقضات في الكتابة وتعديلات حتى في الصفحات المخصصة لتحديد موقع النقابية في مشروع المجتمع المقترح لمغرب الغد المستقل. وينجم عن هذا التحليل وجهان. إن الطبقة العمالية المغربية ونضالاتها واختياراتها التنظيمية لصالح نوع معين من النقابية تراه فعالا، هي التي دفعت بقيادة الحركة الوطنية (كتلة العمل المغربي-الحزب الوطني- حزب الاستقلال) إلى تحديد موقفهم. ولقد كان هذا التحديد، كيفما كانت المتغيرات والحجج المقدمة لإضفاء الطابع الشرعي عليه، حساسا منذ البداية خصوصا تجاه الرهانات الطبقية للنقابية. ولقد عكس علال الفاسي وعبر حول هذه النقطة عن الانشغالات التي يشاطرها رفاقه في المحافل القيادية للحركة الوطنية.

إن المطالبة «بنقابية مغربية» بالمفهوم الذي يعنيه، يدل على أن حزب الاستقلال ينوي قبل الاستقلال وبعده، حسب الباحث، ممارسة زعامة  في هذا الميدان أيضا. وهذا يعني أنه يحتفظ بالحق الشامل في تربية وتوجيه الجماهير العاملة بموجب انتماء هذه القيادة -البرجوازية آنذاك- إلى النخبة التي خولت لها هذه الوظيفة بمقتضى مركزها الفكري.

وتنبثق عن هذه المعاينات بعض الاتجاهات للبحث. أولها يتعلق بمرونة فكرة «النخبة» في السلالة الفاسية. فهل هناك تطابق مع النموذج القاعدي وإلى أي حد عندما تتسع لتشمل الأطر النقابية، ثم تنغلق لتضم طبقة من المثقفين الشباب ذوي «الاختيارات» الأكثر تقدمية، ثم تتقلص إلى فئة منهم من ذوي الاختيارات الأكثر راديكالية… الخ؟ والاتجاه الثاني يتعلق بالحركة النقابية في هذا السياق: كيف يتأتي للحركة النق، أن تحل هذا التناقض الملازم لهذا الحدث، الاستقلال/الوصاية؟ كيف يشكل مسبقا هذا الخيار المبدئي تأرجحا بين نزعة تأسيس حزب عمالي انطلاقا ابية التي استمالها حزب الاستقلال سنة 1955 من النقابات ونزعة الانشقاق بحثا عن وصاية سياسية أكثر انسجاما؟

وأخيرا بالنسبة للحقبة التي عالجنا والحقب السابقة، من المناسب أن نكثر من دراسة الحالات بدل إعادة إنتاج، إلى ما لا نهاية، بعض الشهادات المشكوك فيها والمتوفرة لدينا. ونفكر بالخصوص في العديد من الجمعيات التعاونية لما قبل الحرب التي لا بد وان تكون قد تركت أثرا في الأرشيف. هذا ولا يخفي الطابع الاستعجالي لمسألة جمع شهادات الأحياء. ونفس الشيء يسري على فترة ما بعد الحرب. ثم إن دراسة متعلقة بالمناقشات الداخلية لكتلة العمل المغربي والحزب الوطني وحزب الاستقلال تسعى قدر الإمكان إلى تحقيب  la periodisationتطور مواقفهم، لتفرض نفسها أيضا. وهذا ما لا يمكن فصله، بطبيعة الحال، عن التساؤل عن الجزء المتعلق بالتأثيرات الخارجية: ما بين عربية، التونسية على الخصوص، والدولية وبالأخص منها تأثيرات الكونفدرالية الدولية للنقابات الحرة C.I.S.Lفي السنوات الأخيرة.أليس من الزهو أن نعتقد بأن ساعة التاريخ قد دقت بخصوص نقط كانت بالأمس صراعية؟

ذ. عبد الرحيم بن بوشعيب مفكير

-*-*-*-*-*-*-

المقالات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي موقع الإصلاح

أخبار / مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى