فريضة الزكاة وموانعها

في مثل هذه الأيام من كل عام يكثر الكلام عن الزكاة وتكثر الأسئلة عما يجب على الغني إخراجه من الأموال إبراءً لذمته و وفاءً بعهده مع الله، لذلك من المناسب ونحن نعيش ذكرى العام الهجري الجديد، والذي ارتبط حلوله عند عموم المسلمين بإخراج زكاة أموالهم، أن نتطرق لهـذا الموضوع سائلين الله تعالى التوفيق إلى حسن البيان و التوضيح.

لقد أوجب  الله في شرعه بنص من كتابه وسنة نبيه وإجماع علماء الأمة إخراجَ الزكاة عن كل ما يملكه المسلم من أموال عينية نقدية أو تجارة مربحة أو زراعة مثمرة أو ما إلى ذلك من متاع الحياة الدنيا، ثم حدد مصارفها فقال سبحانه “إنما الصـدقات للـفقراء والمسـاكين والعاملين عليها والمؤلفة قلوبهـم وفي الرقاب والغارمين وفي سبيل الله وابن السبيل فريضة من الله والله عليم حكيم”. وقد أجمع المفسرون على أن المراد بهذه الصدقات في هذه الآية هي الزكـاة؛ تؤخذ من الأغنيــاء وترد على الفقراء فريضة من الله.

ومصارف الزكاة محصورة في طوائف من الناس، عينها القرآن ولم يترك لأحد تحديدها. وهي فريضـة وركن ركين من أركان الإسلام قرنت بوجوب إقامة الصلاة في القرآن في غير ما آية وليست بتطوع ولا بتفضل ولا بإحسان من الذي يخرجها بل لا منة لمخرجها على من صرفها إليهم لأن الله عدها حقا من حقوقهم ومعطي الحقوق لأصحابها أنما قام بواجب والواجب لا يُشكر عليه. ألم يقل سبحانه “وفي أموالهم حق معلوم للسائل والمحروم”، ويقول “وآتوا حقه يوم حصاده”، فالإسلام بفرضه الزكاة أراد أن يضع نظــامـا اجتماعيا يقـوم على العمل والكد ولا يقوم أبدا على التسول، ألم تسمعوا إلى قوله تعالى لنبيه لما أمره بأخذ الزكاة: “خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها وصل عليهم، إن صلواتك سكن لهم، والله سميع عليم”.

ففي إخراج الزكاة تطهير لقلوب الأغنياء من عدة رذائل: الشح و البخل و الأنانية وكفر النعمة وعدم الإحساس بحرمان المحرومين، كما في إخراجها تطهير لقلوب الفقراء والمحتاجين من الكراهية والحقد والحسد، فالإسلام يسعى من وراء إخراج الزكاة إشاعة المحبة والعطف والحنان بين أفراد المجتمع المسلم على اختلاف فآته وطبقاته، ثم إن مخرج الزكاة يجب أن ينويَ القيامَ بركن من أركان الإسلام وامتثالَ أمر الله تعالى وتخليص ذمته من حقوق العباد،فالزكاة من الواجبات التي اجتمع فيها الحقان: حق الله وحق العباد.

ثم إن الزكاة يجب أن تُعطى لمستحقيها دون غيرهم فليس في الزكاة مجاملة أو محاباة فمن أعطاها لغير مستحقيها فهو متعد فيها حاله كحال من تعدى بعدم إخراجها تبقى في ذمته إلى يوم الدين و الجزاء، كذلك المتأخر عن إخراجها في وقتها يعني عند مرور الحول ظالم متعد وآثم بذلك التأخير، أما مستحقوها فهم الأصناف الثمانية المذكورون في الآية. روى الإمام أحمد وأبو داود والترمذي عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: ( لَا تَحِلُّ الصَّدَقَةُ لِغَنِيٍّ وَلَا لِذِي مِرَّةٍ سَوِيٍّ)، وقال في حديث آخر: (لا حظ فيها لغني و لا لقوي مكتسب). رواه أحمد و أبو داود و النسائي. وقال صلى الله عليه وسلم:(لا يقبل الله صدقة من غـُلول). بضم الغين والغلول الخيانة وهو السرقة من مال الغنيمة قبل القسمة، وأخذ العلماء من هذا الحديث أن الصدقة بكل مال حرام لا تقبل لأن مال الغلول حرام، كما أن هذا الحديث دليل على أن المسلم يجب أن يجتنب المال الحرام في صدقته وفي أخذه من باب أولى، سئل ابن عباس – رضي الله عنهما – عمن كان على عمل فكان يظلم ويأخذ الحرام ثم تاب فهو يحج ويعتق ويتصدق منه فقال: (إن الخبيث لا يكفر الخبيث) وعلى المسلم أن يتصدق بالطيب فقد روى مسلم حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم : (إن الله طيب لا يقبل إلا طيبا ) وأفضل منه أن يتصدق من أطيب الطيِّب قال تعالى: ” لَن تَنَالُواْ الْبِرَّ حَتَّى تُنفِقُواْ مِمَّا تُحِبُّونَ “.

هذا واعلموا أن موانع قبول الزكاة و الصدقة أربعة أيضاً:

1ـ الكفر.

2 – أن يتصدق الإنسان وهو كاره. قال تعالى ط وَمَا مَنَعَهُمْ أَن تُقْبَلَ مِنْهُمْ نَفَقَاتُهُمُ إِلاَّ أَنَّهُمْ كَفَرُواْ بِاللّهِ وَبِرَسُولِهِ وَلاَ يَأْتُونَ الصَّلاَةَ إِلاَّوَهُمْ كُسَالَى وَلاَ يُنفِقُونَ إِلاَّ وَهُمْ كَارِهُونَ “.

3ـ المُّن بالصدقة.قال تعالى: ” قَوْلٌ مَّعْرُوفٌ وَمَغْفِرَةٌ خَيْرٌ مِّن صَدَقَةٍ يَتْبَعُهَا أَذًى وَاللّهُ غَنِيٌّ حَلِيمٌ * يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تُبْطِلُواْ صَدَقَاتِكُم بِالْمَنِّ وَالأذَى “.

4 ـ أن يتصدق رياءً وسمعة.قال تعالى: ” كَالَّذِي يُنفِقُ مَالَهُ رِئَاء النَّاسِ وَلاَ يُؤْمِنُ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ صَفْوَانٍ عَلَيْهِ تُرَابٌ فَأَصَابَهُ وَابِلٌ فَتَرَكَهُ صَلْداً “.

ذ. سعيد منقار بنيس

أخبار / مقالات ذات صلة

تعليق واحد

  1. عندى مال مدخر حال عليه الحول بالغ النصاب اخرج زكاته و حال عليه الحول مرة اخرى هل اخرج الزكات مرت اخرى?

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى