على هامش عيد الاستقلال: استقلالُ وطن في عدلِ وطن

يخلد الشعب المغربي في 18 نونبر من كل سنة ذكرى عيد الاستقلال، وهي مناسبة لاستحضار آمال وطنيين، وأمجاد وطن عاش لحظات عصيبة في تاريخه القريب، من الإذلال والاحتقار  من قبل المستعمر الفرنسي… ذكرى 18 نونبر كانت ولازالت عنوانا كبيرا لرفض الظلم والقهر… وإعلانا لعهد جديد من العزة والكرامة والعدل والوطنية…

ما بين 18 نونبر 1955 و18 نونبر 2019 مسافة ومساحة كبيرتان؛ فهما تعبران عن حجم التراكم الذي حصل خلال ستة عقود من الزمن، جمعت  انتصارات وانكسارات، نجاحات واخفاقات، أفراحا وأحزانا… لحظات اعتقد فيها المغاربة أن وطنهم الجديد بعد خروج الاستعمار المادي بعتاده ودباباته وجيشه، سيكون أفضل وطن وأسعد وطن، وأجمل وطن، وأعدل وطن…ولحظات كفر فيها المغاربة بحق هذا الوطن،  وتنكروا له، جزاء ومعاملة بالمِثل لكفر الوطن وتنكر من بيده الأمر من المسؤولين والحكام لهم… كان أمل المغاربة الذي شاركوا في ملاحم هذا الوطن، هو أن تتم استفادة الجميع من خيرات هذا الوطن بعد رفع المستعمر الغاشم يده عليها… إلا أن الذي صار هو خيبة هؤلاء المغاربة الذين يحتفلون اليوم بهذه الذكرى، وهم يرون ملء السمع والبصر أن خيراتهم وثرواتهم التي ضحوا بالغالي والنفيس من أجل أن تعود للمغاربة، تنهب وتستغل بالليل والنهار… فما بقيت لديهم إلا الذكريات والآمال والأحلام، التي انتشوها لحظات من الزمن، على أمل أن تعود البسمة التي كانت يوم 18 نونبر 1955…

ولعل الأيام القادمة أن تعيد البسمة والأمل، وتتصالح الأفئدة والهواجس والرغبات، فنعيد التاريخ إلى الوراء، ونصحح الأخطاء والسياسات التي كانت تحت الضغط، ونرسم الأمل على الشفاه، لأن الوطن للجميع، وثرواته للجميع، وخيراته أيضا للجميع…فالله يقيم ويديم الأوطان العادلة؛ الأوطان التي تفرح للمفرح، وتحزن للحزين، وتواسي المريض، وتأخذ حق الضعيف من القوي الجائر، وتعين على نوائب الدهر…  فنحن المغاربة نفخر بالانتساب إلى عقيدة أبي الحسن الأشعري رحمه الله، ومن محاسن جد أبي الحسن الأشعري، ما ذكره النبي صلى الله عليه وسلم حينما قال: “إن الأشعريين إذا أرملوا في الغزو، أو قل طعام عيالهم بالمدينة جمعوا ما كان عندهم في ثوب واحد، ثم اقتسموه بينهم في إناء واحد بالسوية، فهم مني، وأنا منهم”(صحيح البخاري). دامت لنا ذكرى الاستقلال، ودام لنا الفخر  بهذا الوطن، فبلادي وإن جارت عليّ عزيـزة، وأهلي وإن ضنّـوا عليّ كرام…

صالح ابو أنس

أخبار / مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى