امرأة عجز القلم عن وصفها – الزهرة الكرش

أردت أن أتحدث عنها فخجلت الحروف وعجزت الكلمات عن التعبير، أردت أن أرسمها فتسابقت الألوان لكنها عجزت هي الأخرى عن إبراز جمالها. فهي امرأة ليست ككل النساء ولن تضاهيها أنثى، هي فاتنة في كل شيء، جمالها، ابتسامتها، أخلاقها، عطائها اللا محدود وتفانيها الذي تجاوز الحدود.

إنها الأم التي آوتك في بطنها تسعة أشهر دون تأفف، إنها من كانت تعد الأيام لتحملك بين ذراعيها وهي تعلم أن خروجك يعني ألم مخاض لا يستطيع تحمله أحد في الدنيا غيرها، ألم تحملته لأنها أحبتك قبل أن تراك وعشقت كل تفاصيلك بعد أن سمعت أولى صرخاتك.

كان الكل يتأفف من بكائك المتواصل إلا هي فقد كانت تهرع إلى أول طبيب كي تعرف مصدر ألمك، هي من سهرت الليالي تجوب أرجاء البيت وأنت بين ذراعيها رجاء أن يغمض لك جفن، هي من كانت تستيقظ قبلك كل صباح لتعد وجبة الفطور قبل موعد المدرسة، هي من كانت تحس بالألم والحسرة عندما كنت تجد صعوبة في فهم درس من دروسك وهي عاجزة عن مساعدتك، هي من شجعتك دائما وحفزتك رغم كل إخفاقاتك، هي من رأت تميزك في الوقت الذي اصدر الجميع حكمه بفشلك، هي من شاركتك كل أفراحك وأحزانك وكانت يدها أول يد تربت على كتفيك، هي من أهدتك قلبها بلا مقابل وحياتها بلا منٍّ، هي من جعلتك أولى أولوياتها فلا شيء يسبقك ولا أحد يأتي قبلك.

أتذكر تعابير وجهها عندما كنت تمرض؟ كل تقاسيم وجهها تقول لك أنها تتمنى أن تكون هي مكانك وتنعم أنت بالصحة والعافية، هي من كانت تقوم الليل لتدعو لك، تدعو لك بالنجاح والتوفيق والهداية والسداد، هي من آثرتك بكل شيء باللقمة والكسوة والفراش الناعم بل حتى شربة الماء وهي في قمة العطش تؤثرك بها، هي الأم التي عقدت العزم أن تراك فوق الثريا قبل إن يواريها الثرى.

إنها الأم في أجمل وأصدق معانيها عطاء بلا حدود وحب بلا شروط ونكران للذات ليس له مثيل. سيدة ضحت براحتها وصحتها ورفاهيتها لتقدمهم لك لأنها ترى فيك السعادة والمستقبل والامتداد. ترى أنك رسالتها في الحياة، فتأمل أن تقدم لمجتمعها وأمتها رجلا وامرأة يستطيعان تحمل المسؤولية، يستطيعان الإسهام في رقي الإنسانية وتحضرها.

كانت ولا تزال تحلم أن تصنع رجالا يعرفون معنى الحب ومعنى الوطن، معنى العطاء ومعنى التضحية. إنها المرأة التي تأمل أن ترى فيك حمزة والزبير ومصعب وخالد بن الوليد وصلاح الدين وترى فيك أسماء و سمية وحفصة ورفيدة والشفاء العدوية.

هي الأم التي أعطت لترى غيرها يقطف الثمار وهي راضية كل الرضا، فلا عجب أن يرفع الله قدرها في كتابه وفي تعاليم دينه وفي وصايا نبيه صلى الله عليه وسلم (…أمك ثم أمك ثم أمك).

 

أخبار / مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى