الداودي: أكبر مستثمر في الأزمات على مستوى القيم هو النظر إليها على أنها مشروع مستقبلي

أكد الدكتور حميد الداودي أن للقيم مركزا رئيسا في فقه الأزمات وإدارتها وفي تجاوزها وتحويلها من محن إلى منح مستقبلا، حيث أنها تحيلنا إلى معاني كثيرة منها العزيمة والجماعة وما يقوم عليه الشيء وفيها معنى الاستمرار والثبات، وكل هذه المعاني تحملها القيم ولها علاقة عموم وخصوص مع الأخلاق عندنا، ويمكن أن يقال أن القيم اعم من حيث أنها تحمل جوهر الأخلاق، ولكن يمكن أن تأخذ إلى جانب الأخلاق قيما حاكمة ومحكمة في تحديد المواقف وصياغة السلوكات، وهي قيم حاضرة بقوة في مختلف محطات الإنسان الوجودية الحضارية.

وأضاف الأستاذ بجامعة محمد الأول بوجدة، أنه اليوم تتم الإشارة إلى دور القيم في اقتحام عقبة الأزمات، يحيلنا إلى ثقافة إيمانية ايجابية من حيث أنها ترجح أن للإنسان القدرة على مواجهة التحديات، حيث نجد في النص الإلهي “فلا اقتحم العقبة” وهو عنوان رسالة الإنسان والوحي الأخير، وعنوان الإيمان، ومن ثم كان للإنسان الذي يحمل القيم الدور المركزي في حسن التعامل مع الأزمات ومنها الراهنة التي تمر منها البشرية,

وأشار الداودي في مداخلته بعنوان ” مركزية القيم في اقتحام عقبة الأزمات”، خلال الندوة العلمية التي نظمتها حركة التوحيد والإصلاح عن بعد، في موضوع :”أهمية القيم والثقافة في تجاوز تداعيات جائحة كورونا حاضرا ومستقبلا”، الجمعة 10 يوليوز 2020، أن البنية المفاهمية التي ننتمي إليها والجذور المعنوية رصيدا خالدا قويا يمدنا بفقه البشريةُ في أمَس الحاجة إليه اليوم، وهو ما جسدته الآية الكريمة “لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر وذكر اله كثيرا”، وهي الآية التي جاءت في صلب الأزمة التي تعرض فيها، المسلمون لفيروسات اخطر من كورونا ولم يكن لها حل واستطاع المسلمين بتوجيه الوحي أن يحسنوا إدارة الأزمة تلك.

وأكد المحاضر أن باستطاعة المسلمين عن طريق ما يحملونه من قيم خالدة إنسانية فطرية والتي يحتاجها الناس اليوم أن يقدموا من خلال حسن فقههم للأزمات بما يحملونه من قيم، وقد قدم المسلمون نماذج ومعهم غيرهم من القيم الخالدة من التعاون والحكمة والصبر والتضحية، بحيث تتيح هاته القيم القدرة على  تجاوز الأقدار الحالية إلى أقدار بديلة، فاقتحام العقبات بالضرورة يستتبعها مآلات هي عاقبة المقتحمين، مشيرا إلى أن أكبر مستثمر في الأزمات على مستوى القيم من الناحية الإيجابية هو النظر إلى الأزمة على أنها مشروع مستقبلي، مشروع لاستنفار الطاقات واكتشاف المواهب، وهو ما أبان عنه المغاربة من تلاحم خلال الفترة الماضية منذ بداية ازمة كورونا.

وختم المحاضر كلمته بالتأكيد على أن القيم التي نحملها ويشترك معنا فيها بقية البشر قيم لا تخضع للنسبية ثابتة إنسانية أصيلة، واليوم  ندعو الناس من حولنا إلى أن نشترك في كل هذه القيم وأولهم إخواننا في بلادنا بمختلف التيارات، منوها بمبادرة الحركة التي دعت من خلال نداءاتها الأخيرة إلى تجاوز كل الفروق من أجل الانتداب نحو المستقبل لأنه لا مستقبل لنا ولا للبشرية إلا أن يعيش الناس متعارفين متعاونين، لقوله تعالى :”وتعاونوا على البر والتقوى”.

الإصلاح

 

 

أخبار / مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى