استشراف مستقبل ما بعد كورونا – الحسين بوعياد

لا يجادل اثنان أن:

  1. فاعلية المجتمع المدني ومشاريع الإصلاح تتنامى وتزدهر في أجواء من الأمن والإستقرار والتواصل.
  2. بروز الذكاء الصناعي وتسارع التغيرات التكنولوجية الرقمية العالمية المعاصرة بالأبعاد والمحاور المتعددة كقاطرة أساسية للنمو وخلق الثروة لسائر المجتمعات بحيث يعمل على إعادة تشكيل لبيئة المحيط الإنساني وأسلوب التعامل مع عدة قطاعات مما يثير العديد من المخاوف والمحاذير، وخاصة بالنسبة للتغيرات الهيكلية في الحياة السوسيو اقتصادية وللحياة المعيشية وكذا بالنسبة للاندثار بعض الطرق والمفاهيم والقيم الجماعية وبروز العمل المستقل الفردي مع انتقال المهارات والكفاءات وسرعة توظيف المعلومة وبروز الاقتصاد المعرفي
  3. البشرية ستعرف تغيرات اجتماعية سريعة ومنعطفا عميقا يفرض تغيرات كبيرة متنوعة سريعة ومفاجئة مما سيترتب عنها خسائر كبيرة وآثار اجتماعية وفكرية طويلة المدى على جميع الأصعدة كفيلة بتغيير عجلة التاريخ، مما يجعل هذا المنعطف يشكل تهديدا لمشاريع التنمية والإصلاح والإعمار وقد يغير الملامح الجيوسياسية والسوسيواقتصادية والثقافية للإنسانية جمعاء.

فحري إذا  بالعاملين في مجال الإنتاج الفكري والاستراتيجي  الدعوة وبإلحاح إلى تشكيل منصة للتفكير والتحليل تشمل مجالات متعددة وأطراف متكاملة لإعداد دراسة  مفصلة تستشرف التطورات المجتمعية واستخلاص التوصيات الضرورية على جميع المستويات ويمكن تشكيل  لجان فرعية عن المنصة تعنى بالخصوص بالمجالات التالية:

1 – الأحداث المفصلية لتغير المجتمعات عبر التاريخ:

لابد من توثيق للأحداث ومحاولة مقارنتها عبر تاريخ حركة المجتمعات مما يشكل بنك للمعلومات مهيئ للدراسة والتحليل

2 – الآثار الاجتماعية : تتجلى في التدافع بين ظاهرة الأنا، صراع الكل ضد الكل، وظاهرة القيم المتمثلة في التضامن والتكافل ويمكن رصد تغييرات عدة منها على سبيل المثال :

  • العلاقات الاجتماعية، ومدى تفاعل التجمعات مع الحجر في جو مشحون بالبراجماتية والموجات من الخوف الجماعي المتعدد المصادر والممارسات الغير منطقية والتمسك بالتراث الشعبوي والميول إلى تصديق الشائعات ونظرية التحكم في التجتمعات والاحتكام للتفاعل الظرفي والشعور بالنقص والحاجة المستمرة والهلع و التحصين والترقب الدائم للمجهول وانحسار العلاقات الاجتماعية في أدنى مستوياتها بين الأقارب والجيران والأصدقاء .
  • الجانب القيمي : حيث تظهر النفس البشرية عارية عن المؤثرات الخارجية فتبرز أزمة أخلاق الأفراد والتجمعات ، وتتهاوى الكثير من القيم صعود ونزولا، طغيان منطق التبرير عوض المبادرة، الانتظارية والإرجاء عوض الجاهزية، ويتقوى منطق الشك والاختبار الدائم للقيم، تعدد أوجه الإحسان، طغيان الوضع الاستثنائي، وأشكال التضامن والمبادرات الفردية وطغيان المصلحة نفعياً وهذا سيضيق دور القيم في المجال العام ؛ لضيق المجال العام ذاته وقد تظهر أشكال جديدة لللقيم  شبيهة بالخصخصة  القيمية تحت الطلب سواء أكان على المستوى الأفقي داخل المجتمع أو على المستوى العمودي بين الفرد وربه سبحانه
  • العلاقات الأسرية : فكثير من العلاقات الأسرية والعاطفية والعائلية والاجتماعية ستأخذ أشكالاً مختلفة عما كانت عليه قبلاً ، أشكالاً تعتمد البعد بدلاً من القرب، والافتراق بدل الاجتماع،

2 – المجال السياسي : كل القراءات تؤكد عل بعض التغييرات الجيوسياسية معاكسة لموجة العولمة وستتوجه الحكومات على الأقل خلال السنوات القادمة نحو المزيد من السيطرة على المواطن ونحو الدولة الشمولية بشكل أو بآخر، وتقليل مبادرات الانفتاح على حساب علاقات عبر الانترنت.

 3 – المجال الاقتصادي : علما أن الاقتصاد عصب الحياة فإن التقارير الاقتصادية تشير إلى:

  • انكماش الاقتصاد في حدود  50 % خلال الأعوام المقبلة ،
  • تغير في الخريطة الإنتاجية على حساب المنتوجات الحديثة وطغيان المنتوجات الرقمية والتوجه لحلول اقتصادية جديدة بعضها سيكون قاتلا للطبقات الوسطى والفقيرة، وبعضها سيكون استغلالياً لا تنموياً، وسنخسر عدداً من مقومات الحياة أو الرفاه.
  • استقواء للاقتصاد الغير المهيكل
  • غياب مخططات تنموية البعيدة المدى في الدولة الواحدة .

 4 – المجال القطاعي والخدماتي : لقد غيرت الأزمة وجه الخدمات بشكل كامل، سواء الطبية والإدارية والتعليمية أو غيرها فقد سيطرت الخدمات المرتبطة بالوضع الجديد مما يلزم درجة معقدة من المرونة والموازنة  مما يفرض إعادة النظر في المنظومة الخدماتية ومدى مرونتها وجاهزيتها.

5 – المجال الرقمي : الذي سيعرف تطورا سريعا وسيستحوذ على كل المجالات الأخرى وتبرز عولمة افتراضية متحكمة وانغلاق متزايد غير منضبط.مما يلزمنا حسن توظيفه وتجنب مطباته الجانبية.

إن هذه الأزمة فرصة مصيرية للدارسين والباحثين و للمجتمع المدني :

  • لتجنب التهميش الاجتماعي
  • لتعزيز الهامش الفكري والاستراتيجي في الحياة العامة
  • لاستجماع الآليات الضرورية لأي إصلاح مجتمعي نحو غد أفضل.

أخبار / مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى