احتفالية برشيد الحلقة (6) – عبد الرحيم مفكير

3 ــ رواد النظرية الاحتفالية:

من أهم رواد المسرح الاحتفالي في المغرب نذكر: عبد الكريم برشيد، والطيب الصديقي، وعبد الرحمن بن زيدان، وثريا جبران، ومحمد الباتولي، وعبد الوهاب عيدوبية، ومصطفى رمضاني، ومحمد البلهيسي، ومحمد عادل، ومصطفى سلمات، ومحمد قيسامي، والتهامي جناح، وفريد بن مبارك، وعبد العزيز البغيل، ورضوان أحدادو، وبو شتى الشيكر، ومحمد أديب السلاوي، وسليم بن عمار، والكرزابي بو شعيب.

وتساهم كل هذه الأسماء في إثراء الاحتفالية تنظيراً (عبد الكريم برشيد)، أو نقداً وتأريخاً (مصطفى رمضاني)، أو تأليفاً (رضوان أحدادو)، أو إخراجاً (الطيب الصديقي)، أو تمثيلاً (مصطفى سلمات)، أو صحافة (الكرزابي بو شعيب)، أو إخراجاً تلفزيونياً (فريد بن مبارك).

وإذا انتقلنا إلى الوطن العربي فنجد من روادها: قدور النعيمي من الجزائر، وعز الدين المدني من تونس، وقاسم محمد من العراق، وسعد الله ونوس من سوريا. ويقول مصطفى رمضاني في هذا الصدد: «أما في الدول العربية، فقد خلفت دعوة الاحتفالية صدى طيباً، وكان من نتائج ذلك أن مجموعة من كبار المبدعين والنقاد المسرحيين العرب قد باركوها وصادقوا على ما في بياناتها نحو الدكتور علي الراعي وسعد أردش وأسعد فضة وعز الدين المدني ومنصف السويسي وغيرهم، كما فعلت ذلك فرقة الحكواتي اللبنانية وفرقة سوسة التونسية وفرقة الفوانيس الأردنية وجماعة السرادق المصرية. وبهذا تكون الجماعة ورشاً مفتوحاً على العالم الإنساني كله، وليست تجربة خاصة بمبدعين مغاربة فقط».[1]

4 – مرتكزات النظرية الاحتفالية: الأسس النظرية للمسرح الاحتفالي:
ومن المرتكزات النظرية والدلالية التي يستند إليها المسرح الاحتفالي نجد النقط التالية:
1 ـ المسرح حفل واحتفال غني باللغات اللفظية والحركية.
2 ـ توظيف الذاكرة الشعبية أو الأشكال ما قبل المسرحية.
3 ـ تشغيل التراث وعصرنته ونقده تناصاً وتفاعلاً.
4 ـ استخدام المفارقة والفنتازيا في تشغيل العناوين.
5 ـ المزاوجة بين الأصالة والمعاصرة.
6 ـ تداخل الأزمنة.
7 ـ السخرية في وصف الواقع وتفسيره وتغييره.
8 ـ الحفل الجماعي والتواصل الاحتفالي المشترك.
9 ـ التعبير الجماعي.
10 ـ تعرية الواقع قصد تشخيص عيوبه وإيجاد الحلول المناسبة له.
11 ـ التأصيل قصد تأسيس مسرح عربي.
وقد حصر الدكتور مصطفى رمضاني مبادئ الاحتفالية في المكونات والسمات التالية:
التحدي ـ الإدهاش ـ التجاوز ـ الشمولية ـ التجريبية ـ التراث ـ الشعبية ـ الإنسانية ـ التلقائية ـ المشاركة ـ الواقع والحقيقة ـ النص الاحتفالي ـ اللغة الإنسانية. [2]

” إن المسرح احتفالي قبل كل شيء.

وإن الاحتفال هو بالأساس لقاء .

وأن اللقاء هو خروج الذات عن عزلتها لتشكل الجماعة والمجتمع.

وأن وجود الجماعة يفرض وجود حوار للتواصل والتفاهم.

وأن لغة الحوار الاحتفالي هي لغة اكبر من لغة اللفظ. إنها لغة / لغات الجسد ككل، وبذلك يتم الحوار بالإشارة والحركة والإيماء والرقص والغناء والتراتيل.

وأن اللقاء الجماعي يتم انطلاقا من وجود إحساس جماعي ، ومن وجود قضية تهم الجميع. ولولا ذلك، هل  كان ممكنا أن يلتقوا وأن يختلفوا؟

وأن الاحتفال لا يرتبط بمكان معين أو بزمن معين.فحينما يلتقي الناس بالناس ويكون هناك إحساس جماعي يولد الاحتفال المسرحي.

وأن الاحتفال ــ أي احتفال ـــ لا بد أن يختزل ويختزل ثقافة بكاملها. فهو سلوك وآداب وغناء ورقص وأزياء وحناء وعمران وعادات وأهازيج ومعتقدات وحكايات وأمثال وحكم مختلفة.

إن الاحتفال آني ولقائي وحيوي ( فهو مرتبط بإحساسنا نحن الآن/ هنا، وعليه فإنه لا يمكن أن نفرح اليوم، ونقيم الحفل بعد سنة. ولا يعقل أن نحزن الآن، وأن نقيم مأتما بعد سنوات. إن الاحتفال هو اعتقال الزمن الآني، اعتقال لحظة الفرح ولحظة الغضب ولحظة التمرد ولحظة الجنون والهذيان والحمى. هذه الأسس ـــ وأخرى غيرها ـــ هي التي تترجم ـــ مسرحياــ إلى تقنيات شكلية لا تنفصل عن مضمون روح الاحتفالية. [3].

5 – أما المرتكزات الفنية والسينوغرافية فيمكن إجمالها في:
1 ـ تكسير الجدار الرابع.
2 ـ الثورة على القالب الأرسطي والخشبة الإيطالية.
3 ـ تقسيم المسرحية إلى أنفاس ولوحات وحركات احتفالية.
4 ـ استبدال العرض بالحفل المسرحي.
5 ـ استبدال الممثل بالمحتفل.
6 ـ الثورة على الكواليس والدقات الثلاث التقليدية.
7 ـ تعدد الأمكنة والأزمنة.
8 ـ التركيب بين اللوحات الاحتفالية المنفصلة.
9 ـ استخدام لغة تواصلية لفظية وغير لفظية والاعتماد على قدرات الممثل.
10 ـ توظيف قوالب الذاكرة الشعبية كالراوي وخيال الظل والحلقة وغيرها.
11 ـ الاحتفال المسرحي أو الديوان المسرحي بدلاً من كلمة مسرحية.
12 ـ الاعتماد على المسرح الفقير.
13 ـ الدعوة إلى الفضاء المفتوح والتحرر من العلبة الإيطالية المغلقة.
14 ـ عفوية الحوار وتلقائيته.
15 ـ النص مجرد مشروع ينطلق منه العرض.
16 ـ الاندماج المنفصل والتحرر من الخدع الدرامية والأقنعة الواهمة.
17 ـ استخدام تقنيات سينوغرافية بسيطة وموحية ووظيفية سيميولوجياً وتواصلاً.
18 ـ طاقة الممثل الجسدية هي الأساس في التواصل.[4]

6 – مصادر المسرح الاحتفالي:
تتمثل مصادر الاحتفالية التي اعتمد عليها عبد الكريم برشيد والتي حددها بجلاء في كتابه التنظيري «حدود الكائن والممكن في المسرح الاحتفالي» في الإحالات التالية:

أ ـ المسرح اليوناني بكل ظواهره الاحتفالية.
ب ـ الفيلسوف الفرنسي جان جاك روسو الذي احتج على المسرح/العرض وطالب بعودة الحفل.
ت ـ الكتابات النظرية والإبداعية لأنطوان آرتو الذي طالب بتوظيف الأشكال الطقوسية السحرية الاحتفالية، وخاصة في كتابه «المسرح وقرينه».
ث ـ المخرجون الذين أرجعوا أصل المسرح إلى جوهره الحقيقي ألا وهو الحفل، كما نجد عند آدولف آبيا ـ كوردن كريج ـ جاك كوبو وسفوبولد مايرهولد.
ج ـ كتاب ألفرد سيمون «العلامات والأحلام» ـ بحث في المسرح والاحتفال.
ح ـ الدراسات السيكو اجتماعية التي ركزت على الجانب الاحتفالي عند الشعوب مثل: دوركايم وفرويد في«الطوطم والطابو» وجان دوفينو في«احتفالات وحضارات» وهارفي كوكس في«احتفال المجانين».
خ ـ الاحتفالات العربية كمسرح السامر والحكواتي والسامر والفداوي والمداح وخيال الظل والقرقوز والمقامات… كما نبه إلى ذلك حسن المنيعي وعلي الراعي ويوسف إدريس وتوفيق الحكيم ومحمد عزيزة ومحمد أديب السلاوي والطيب الصديقي.

 

الهوامش:
د ـ الكتابات الإبداعية والنظرية للأستاذ عز الدين المدني والمنصف السويسي وبرتولد بريخت الألماني وتوفيق الحكيم [5]

[1]  ــ د. مصطفى رمضاني: قضايا المسرح الاحتفالي، منشورات اتحاد الكتاب العرب، دمشق، سوريا، ط1، 1993، ص: 14.

[2]  ــ د. مصطفى رمضاني: المرجع السابق، ص:38.

[3]  ــ الاحتفالية : مواقف ومواقف مضادة  ص 123 ـــ 124.

[4]  ــ د. مصطفى رمضاني: (الاتجاهات الأساسية في مسرح الهواة في المغرب)، مجلة المشكاة، وجدة، المغرب، عدد:4 السنة، 1985، ص:70.

[5]  ــ انظر عبد الكريم برشيد: حدود الكائن والممكن في المسرح الاحتفالي، ص: 163 ـ 169.

 

 

أخبار / مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى