إنجيه يكتب: “مِنَحُ المِحَنِ”

من أعظم التوفيق للمرء إحساسه بأفضال خالقه سبحانه عليه، وشعوره بوافر النعم التي يتفيأ ظلالها، وبحثه في ثنايا المحن عن منح تحمله على مضاعفة الشكر والتعظيم للمنعم جل جلاله…

لقد كشفت محنة الحجر الصحي عن معادن كثير من الناس، وعن رغبة في أفعال الخير وإيصاله إلى مستحقيه، مؤازرة وإسنادًا؛ من خلال مبادرات متنوعة هنا وهناك؛ وقد ألقى شهر رمضان الفضيل بظلاله عليها، فانخرط فيها العامة والخاصة، حتى رأينا صورا مشرقة من رصد وإحصاء الحالات المحتاجة، والمتضررة من الأوضاع الحالية التي تمر منها البشرية جمعاء، وامتد عطاء الخيرين حتى انشرحت به القلوب، وأزال الكدر عن النفوس، فلله الحمد وله المنة على جميل أقداره..

كما أبانت محنة الحجر الصحي عن قيمة المُكث في البيوت لمن كان دأبه الغياب عنها للعمل أو لغيره، فقد أتاح الاحتباس فيها لكثيرين التعرف على حجم التفريط في بعض واجبات الرعاية المتعينة، وأفصح عن قدرات تواصلية معطلة، وأبرز إمكانيات وخبرات مهملة، وأحيى مشاريع مؤجلة، وبعث أفكارا أوشكت على الفناء بدعوى انعدام الوقت أو ضيقه أو غير ذلك من الحجج والمسوغات التي تقهر التطلع للمعالي، وتثبط الهمم، وتوقع في مطبات التسويف القاتلة…

إحصاء منافع الحجر الصحي أكثر من أن تعد بحمد الله تعالى، رغم الآثار المادية التي قد يكون خلفها أو سيخلفها؛ لقد مثل فرصة للعودة إلى الذات، ومراجعة الصلات، وتقوية العلاقات، وبث الخيرات، وإحياء ليالي رمضان بما لم يسبق لها أن عرفته من مناشط وإبداعات، ومناقشات وإسهامات، من الكبير والصغير، وقُل ما شئت فلكل منا تقديره للآثار الايجابية مقابل غيرها..

وفيما يلي تسجيل لأمور بدت لي أثناء الحجر الصحي ذات صلة بتطبيقات وبرامج التواصل الاجتماعي:

  1. أثمن عاليا عناية كثير من المتدخلين بخلفيات فضاء التصوير، فأغلبهم يصور وخلفه مكتبة، وهذه رسالة عظيمة لمركزية المكتبة في البيوت رغم ضيقها، وضرورة رعايتها وتنويع المقروء فيها ليستجيب لاحتياجات أهل البيت كافة.
  2. العطاء العلمي الإعلامي لا تمنع منه بساطة أدوات التصوير
  3. إشراك أهل البيت وخاصة الأولاد في التصوير والتسجيل والتركيب فيه إعداد تنمية لمعارفهم التقنية، وإيصال المعرفة للغير.
  4. ظهور فرص جديدة للتعاون الفكري والعلمي والدعوي عبر الوسائط الحديثة
  5. تنوع الموضوعات والمشاركات وإن كان أغلبها يتناول تداعيات الجائحة نافع في توسيع دائرة النقاش وتوليد الأفكار.
  6. تجاوب كثير من الأطر العلمية والفكرية فضلا عن السياسية، وخروجها للضوء وعرض أفكارها وأرائها وتحليلاتها.
  7. الوقوف على يُسر تنظيم لقاءات علمية دون كلفة تذكر، وتجاوز مشكلة المحاضرات العامة التي تشكو ضعف الحضور في هذه الأوقات.
  8. مساعدة الناس على توظيف الأجهزة الحديثة والتقنيات المتجددة فيما ينفع وخلق نقاش جاد، بدل استسلام كل منهم لهاتفه أو لوحه دون هدف ولا غاية سوى إماتة الوقت أو تبديده.
  9. بحث موضوعات متخصصة مثل مبادرة المعهد الدولي للوقف الإسلامي بتنظيم أمسيات لا تتجاور الساعة عرض في كل ليلة تجربة وقفية من العالم الإسلامي غاية في الإفادة.. وأعطت أنموذجا لما يمكن فعله في ساعة زمن من فوائد، وفيه تدريب على احترام الوقت وضبطه.

صلة بما ذُكر يسرني ـ في المفردات التالية ـ جرد أفكار ومقترحات لتوظيف خدمات شبكات التواصل الاجتماعي من أجل تطوير الرصيد المعرفي والثقافي، ورفع مستوى الخطاب المجتمعي، وبناء الثقة، للنهوض بالنقاش العمومي في مختلف القضايا التي تهم المجتمع من قبل أهل الاختصاص، وعلى رأسها قضايا المشاركة المجتمعية في تأسيس وإبداع الأفكار، وتبادل الخبرات، ووضع التصورات والاقتراحات الكفيلة بترقية أوضاعنا، ومناهضة التمييع والاستلاب ودعاوى صرف الناس عن ما يصلح أحوالهم:

  • ضرورة تقييم وتقويم تجارب البث المباشر للأطر والكفاءات
  • العمل على تأسيس منصات إلكترونية تتغذى على إسهامات المؤهلين محليا ووطنيا
  • تأهيل خبراء تقنيين في شبكات التواصل وبناء المواقع الالكترونية.
  • تقريب فنون التصوير والإخراج للعامة
  • رصد الاحتياجات التقنية وتوفيرها
  • الاشتراك في البرامج والتطبيقات الجيدة والأكثر أمانا
  • إعداد برامج ثقافية متخصصة تناسب جميع الفئات والأعمار
  • ابتكار آليات توظيف غير مسبوقة للاستفادة من التطبيقات والبرامج
  • بث ونشر المعرفة الشرعية والفكرية من قبل المتخصصين
  • حفز همم الأساتذة لإقراء وعرض مؤلفاتهم أو كتب نوعية من اختيارهم
  • إعداد قوائم الكتب والموضوعات التي تعالج الآفات الاجتماعية والعقدية ومشاركة قراءتها
  • دعم الحريات الإعلامية والوقوف بصلابة أمام كل محاولات المس منها قانونيا
  • العمل على انخراط الأطر والكفاءات كافة في هذا المشروع غير المكلف
  • إعداد قواعد بيانات للمنشورات والتسجيلات المرئية والمسموعة المفيدة فضلا عن المكتوبة.
  • ترويج نتاج العلماء والمفكرين ذوي الإسهام العلمي العميق والتعريف بهم.
  • تشجيع الشباب على عرض ونقل تجارهم وخبراتهم
  • إنشاء منصات ومواقع، وتأسيس صفحات منوعة تلبي احتياجات كل متتبع
  • توثيق كل الأنشطة ونشرها…

هذا كله موضوع للمناقشة والدراسة والتعليق والتصحيح والاستدراك؛ عساه يمكننا من تجديد العهود، وتوجيه الجهود، وتوفير النقود، والوصول بصمود، إلى شرائح وطبقات المجتمع كافة وتعريفهم بالمعبود…

والله المستعان.

د. محمد سالم إنجيه

أخبار / مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى